Chapter 3

الفصل الثالث

التقاليد الدينية

بينما كنت متفرغًا للعمل في أنشطة التبشير بأستراليا، اعتدت ورفقائي المرور على أتباع العقائد المسيحية الأخرى الذين كانوا ناشطين في الترويج لديانتهم ومقتنعين بمشاعرها الروحانية. لقد كانوا يدرسون الكتاب المقدس كل أسبوع في كنائسهم ويلتزمون بالوصايا ويشعرون أنهم على الطريق الصحيح الذي يقودهم إلى الرب. لقد كانوا إناسًا صالحين يعيشون وفق الحقائق الصالحة التي تلقوها حتى الآن في حياتهم.

كان منهجنا في التبشير أن نشاركهم في مزيد من البراهين والحقائق الخاصة بيسوع المسيح المذكورة في كتاب مورمون. ومن المؤكد أن أي مسيحي ملتزم ويحب قراءة تعاليم يسوع المسيح في الكتاب المقدس سيهتم بقراءة التفسيرات الأخرى لتعاليم يسوع المسيح وزياراته على الأرض. أو هكذا اعتقدنا. كانت حواراتنا تسير في المعتاد على هذا المنوال.

المبشرون: "إذا كنت أحد أتباع عقيدة _____، إذًا، فإنك تؤمن بالكتاب المقدس، أليس كذلك؟"

المسيحي: "نعم، أنا أدرس الكتاب المقدس بانتظام وأحاول أن أعيش حياتي وفق تعاليمه".

المبشرون: "هل تستمتع بقراءة كلمات يسوع المسيح كما دونها تلاميذه؟"

المسيحي: "بالتأكيد. أعتقد أنه من الرائع أن يكون لدي سجل بكلماته الموجهة لأتباعه. ربما استمتع أكثر بقراءة العهد الجديد لأنه يقدم لنا كلمات المسيح بالضبط."

المبشرون: "حسنًا، إذا علمت أن هناك كتب أخرى تحتوي على كلمات يسوع المسيح غير المذكورة في الكتاب المقدس، هل ستهتم أيضًا بقراءة هذه الكتب المقدسة؟"

المسيحي: "نعم، أعتقد أنني سأهتم إذا كانت كلماته حقًا".

المبشرون: "لدينا نسخة من كتاب مورمون الذي يتضمن كلمات يسوع المسيح وتعاليمه لأولئك ممن كانوا يعيشون في أمريكا قديمًا. لقد زار المسيح المخلص هؤلاء الناس بعد فترة قصيرة من بعثه وعلمهم بشارته كذلك. لقد دون أنبياء هؤلاء الناس كلمات المسيح إليهم وإذا قرأتها ستجد أنها دليلاً آخر على تعاليم يسوع المسيح ودوره كمخلص. هل تود الحصول على نسخة لقراءتها؟"

المسيحي: "لا شكرًا، أنا لا أؤمن بكتاب مورمون. أعتقد أن إنجيلي يكفيني وما أعرفه صحيح بالفعل".

كان يدهشني حقًا أن أجد أن هؤلاء المؤمنين المسيحيين حقًا يرفضون حتى فكرة النظر إلى كتاب مورمون دون معرفة كلمة واحدة به. لقد كان أمراً محبطاً كمبشر أن أجد مثل ضيقي الأفق هؤلاء عندما كنت أرى بوضوح أن هؤلاء الصالحين يحاولون العيش باستقامة وفق الحقيقة التي تعلموها. ما الذي منعهم من السعي خلف معرفة المزيد من الحقائق؟

لقد تنبأ الأنبياء في كتاب مورمون في عام 500 ق. م. بهذا السلوك بالضبط تجاه تلقي المزيد من الحقائق في يومنا. في فصل 28 من سفر نافي الثاني، شاهد النبي نافي أوقاتنا وانقسامات الأديان التي أدت إلى رفض الحقيقة. "وأخيرًا، ويل لجميع الفائرين والمحتدين على حق الله! إذ به يرحب كل من شيد على حجر، وأما من أقيم أساسه على الرمل فيرهب الانهيار." (كتاب مورمون، نافي الثاني 28 :29) "في ذلك اليوم إذ تصفر كلماتي يقول كثير من الأمم: كتاب مقدس! كتاب مقدس! قد جاءنا كتاب مقدس، ومحال أن يكون في الوجود كتاب مقدس غيره." (كتاب مورمون، نافي الثاني 29: 3).

ويلي هذه الآية أمر ملزم للغاية من الرب بعدم نبذ تعاليمه الإضافية لأي فرد أوحى إليه. "(7) أفلا تعلمون أن الأمم عديدة؟ أفلا تعلمون أني أنا الرب إلهكم قد خلقت جميع البشر وأني أذكر المقيمين بجزائر البحر، وأني في السموات من فوق أتسلط وفي الأرض من تحت، وأني أبعث بكلمتي إلى بني البشر إلى جميع أمم الأرض؟ (8) أفتتذمرون لأنكم نائلون مزيدًا من كلمتي؟ أما تعلمون أن شهادة أمتين تناديان لكم بأني الله وأني أذكر هذه الأمة كما أذكر تلك؟ فأنا بنفس الكلمات أكلم هذه الأمة وتلك. وإذا تقارنت الأمتان تقارنت شهادة الأمتين كذلك. (9) وأصنع هذا كي يقتنع الكثيرون بأن ذاتي هي هي أمسا واليوم وإلى الأبد، وبأني حسب مسرتي أنطق بكلماتي. وليس لكم إذا نطقت بكلمة أن تظنوني عاجزًا عن النطق بأخرى، لأن عملي لم يكمل بعد، ولن يكمل قبل نهاية الإنسان ولن يكمل بعدها ولن يكمل إلى الأبد. (10) فإن كان لكم كتاب فلا تظنوه منطويًا على جميع كلماتي، ولا تظنوني قد أحجمت عن تصيير غيره إلى الكتابة. (كتاب مورمون، نافي الثاني 29: 7-10)

فسر الرب السبب المنطقي وراء تقديم العديد من الكلمات المتنوعة إلى شعوب منفصلة بكونه ضروريًا نتيجة لاختلاف مستوى الفهم عند كل مجموعة. ولن يمنح الرب القوانين العليا لأولئك غير المستعدين بعد لتلقيها ولكنه يقول لهم: "فهكذا قال الرب الإله: أمرًا على أمر أعطي أبناء البشر، فرضًا على فرض، هنا قليلاً وهناك قليلاً، ومباركون من يسمعون لفروضي ويصغون لمشورتي لأنهم يتلقون حكمة، فمن يتقبل أعطيه المزيد، وأما القائلون قد اكتفينا فأجردهم مما عندهم أيضًا." (كتاب مورمون، نافي الثاني 28: 30)

عند الحديث عن الاختلافات بشأن الحقائق المنزلة بين العقائد، يشير القرآن إلى أن الله قد أنزل الكتاب بالحق: "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَاكُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ "(سورة 5: 48). كما قال الله تعالى: "وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" (سورة 23: 62). كما يتضمن كل نص مقدس ما هو مطلوب في الخطوة التالية للإدراك والتطور الروحي للناس، وليست الحقائق التي تبعد كثيرًا عن إدراكهم أو يستحيل على الناس معايشتها في سياق حياتهم الحالية. وإن عدم استعداد مجموعة من الناس لإدراك مزيد من النور والحقائق مقارنة بغيرهم، لا يعني أن النصوص المقدسة المنزّلة لهم أقل صحة أو يجب تجنبها كشيء غير كلام الرب.

ومن غير المدهش، أن يتضمن القرآن كذلك آيات مشابهة حيث يتحدث الله عن نبذ القرآن من أولئك الذين يعتقدون بمعرفتهم للحقيقة الكافية بالفعل. وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ، بئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ، وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ. (سورة 2: 89-91).

يبدو أن أحد المشكلات المشتركة مع الناس من جميع الأعمار هي الرغبة في السير على خطى آبائهم، سواء كانوا صالحين أم لا، وحسب الحقيقة التي وصلت إليهم، إذا وجدت. لقد كانت هذه أحد المشكلات الرئيسية التي واجهت النبي محمد في التغلب على التقاليد الجاهلية والاعتقادات الوثنية في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام. كما تكررت هذه الفكرة في كتاب مورمون الذي ذكر جهود عدد لا يحصى من الأنبياء لإعلان الحقيقة إلى اللامانيون. [1]

ويضيف القرآن: وَإذا قيلَ لَهُمُ اتَّبعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبعُ ما وَجَدْنا عَلَيْه آباءَنا أَوَ لَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إلى عَذاب السَّعير". (سورة 31: 21) "وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ، قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ، فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ" (سورة 43: 23-25).

ربما يعود السبب وراء هذه النظرة الضيقة إلى شعورهم بالراحة الذي تصفه تلك الآية. فإننا جميعًا نشعر بالراحة تجاه النصوص المقدسة التي وصلتنا لأننا نعرف أنها صحيحة ومن السهل الإيمان بها لأن آبائنا آمنوا بها ونقلوا بدورهم هذه الحقيقة إلينا. إذًا لماذا علينا أن نسعى خلف المزيد؟

إذا كان هناك نص مقدس واحد يكفي جميع أبناء الرب ليتعلموا منه الحقيقة خلال أي فترة زمنية على سطح الأرض، كان على الرب الوحي به مرة واحدة بلغة واحدة وكان ذلك سيكون كافيًا حقًا. وللأسف، بمرور الزمن، تغيرت الكثير من الكتب، أو اختفت أو فقدت أو شابتها خطأ الترجمة. صارت الحقائق ضبابية ومشوشة ولم يعد للناس ما يكفي من الحقيقة الأصلية كي يتبعوها. لذلك كان من الضروري للأنبياء الجدد أن يعملوا على إعادة الحقائق لنقائها مرة أخرى.

كما يشير القرآن إلى أن تعاليم الكتاب المقدس للمسيحيين تعرضت للتحريف بحلول القرن السادس وأن الصراط المستقيم يمكن العثور عليه من خلال تعاليم الكتاب الذي أوحي إلى محمد. "يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ" (سورة 5: 15، 16). وبالنظر إلى جوهر الإيمان بعقيدة الثالوث عند الرب الذي نتج عن مشورة مجمع نيقية في القرن الرابع الميلادي والنقاشات العديدة بشأن الكتب التي يجب إدراجها في الكتاب المقدس، ومن المثير للدهشة أن نجد أن تعاليم القرآن مجددًا تعتبر مصدرًا أكثر نقاءً للحقيقة من الكتاب المقدس خلال هذه الأوقات.

يشير كتاب مورمون أن العديد من الحقائق الواضحة والثمينة تم حذفها من الكتاب الذي تضمن سجل اليهود وأن "هذا الحذف الذي تعرضت له أجزاء كثيرة من إنجيل الحمل يعثر كثيرين جدًا فيكون للشيطان عليهم نفوذ واسع". (كتاب مورمون، نافي الأول 13: 29) ويقول الرب أنه سوف يعيد الحقيقة مرة أخرى إلى غير اليهود عبر كتب أخرى، حيث ستتسبب مشيئته في كتابتها.[2]

فكلما تعرضت عقيدة للفقدان أو التغيير بسبب تدخل وفساد الإنسان، يستبدلها الرب بكتاب جديد من خلال نبي جديد. ولكن لن يتم الوحي بكل الحقائق لكل مجموعة من الناس. ومرة أخرى، يتوقف ذلك على مستوى تهيؤهم واستعدادهم الروحي. حيث إن الاختلاف الجوهري بين ما أنزل على محمد مقارنة بالمذكور في الإنجيل الأصلي وفق تعاليم يسوع المسيح وكذلك العقائد التي أنزلت على أهل كتاب مورمون هو عقيدة التكفير[3] وقوانين الخلاص.

في ظل الاعتقادات الوثنية للعرب ووأد البنات (قتل المولودة)، كان من المنطقي أن تكون الخطوة الأولى هي إعادة تقديم شخصية الله الأحد ومجموعة من الوصايا الأساسية الواجب اتباعها. أما "شريعة موسى"، المعروفة أيضًا "بالقوانين الدنيا"[4]، فيعبر عما يتم تعليمه في القرآن (حيث يفضل العفو عن السعي خلف التعويض وفق قانون القصاص والعقاب)، وليست العقائد العليا الخاصة بالتكفير ومفاتيح الكهنوت.

النقطة المهمة هنا بالنسبة لأتباع مورمون أن عدم ذكر هذه العقائد في القرآن لا يقلل أو يلغي بأي شكل من الأشكال من بقية التعاليم القرآنية الصحيحة لأنها لم تكن حاضرة ببساطة. كما يقع نفس التشابه بين تعاليم العهد القديم والجديد. حيث تم تقديم العديد من وصايا شريعة موسى الموجودة في التوراة (أول خمسة كتب للعهد القديم) على أنها وصايا أساسية وتنبؤ "بالقوانين العليا"[5] التي لم تنزل بعد. عندما أتى يسوع المسيح، كما هو مسجل في العهد الجديد، وصف نفسه بمنفذ القوانين الدنيا– وليس نافيًا لها[6]. ثم كشف بنفسه عن القوانين العليا للناس، والكثير منها مذكور في التعاليم الجميلة للعظة على الجبل. [7]

كما يقر القرآن جميع تعاليم يسوع المسيح الموجودة في الكتاب المقدس طالما أنها لم تتعرض للتحريف (أو لخطأ الترجمة) والتي تشير إلى طبيعته الإلهية. في حين أن القرآن يتحدث عن يسوع المسيح في إطار دوره كنبي لاستعادة وتقديم نور وحقيقة الإنجيل إلى اليهود، ولا يكشف عن نفسه في إطار دوره الإلهي كمخلص. لم يتم ذكر المسئولية الناجمة عن هذه المعرفة والقوانين العليا الناتجة. مع ذلك، يشير القرآن إلى يسوع باسم المسيح وهو إشارة مباشرة لمهمته الإلهية ويؤمن المسلمون أنه في أحد الأيام سيعود المسيح مرة أخرى ليعلمهم من جديد.

من ثم، إذا طلب القرآن قانونًا أدنى عما نشعر أنه أنزل إلينا، لماذا يجب على أتباع مورمون دراسة هذه العقائد؟ ما الذي سيعود علينا من دراسة القرآن إذا لم يتضمن مبادئنا الأساسية بشأن الخلاص والتكفير؟ وقد وجهت السؤال نفسه لرفقائي كمبشر وهي نقطة يمكن اعتبارها هنا. فإذا كان أتباع مورمون يؤمنون ويتبعون تعاليم الله ويحبون حقائقه، ألم يكن من الواجب علينا الاهتمام بأي شيء يقوله الله في أي وقت ولأي أناس؟ أليس علينا تخصيص بعض الوقت لدارسة كلماته التي رأى أنها مهمة كفاية ليسجلها والتي تقدم ككتاب مقدس لخمس سكان العالم اليوم؟ أم أننا نشعر أن لدينا نصوصنا المقدسة الكافية مثلهم ولا نحتاج للمزيد؟ هل علينا إثم مثل الآخرين الذين يرددون، "الكتاب المقدس، الكتاب المقدس! لقد وصلنا كلام الله، ولا نحتاج للمزيد من كلامه، لدينا الكفاية!"

يمكن توجيه نفس هذه المجموعة من الأسئلة إلى المسلمين على ذات المنوال. أليس من المفيد قراءة المزيد من كلام الله الذي أوحى به عبر أنبيائه في عصور مختلفة لشعوب مختلفة؟ "إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً، وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً، رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً، لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً" (سورة 4: 163-166). إذا كانت هذه الآيات صحيحة، أليس من المهم والمفيد معرفة المزيد من كلام أنبياء الله الآخرين المأمورين بنشر كلامه؟ إن الدعوة لمعرفة المزيد من الحقائق من النصوص المقدسة الأخرى ممتدة إلينا.

خلال دراستي للقرآن طوال سنوات إقامتي في الشرق الأوسط ومن خلال محادثاتي مع المسلمين بشأن تعاليمه، أعترف بإعجابي بجمال وقوة الكثير من الآيات التي تعلمنا مبادئ الإنجيل. يشبه الأمر النظر إلى محور العجلة عبر عجلة أخرى أو مشاهدة الوادي من أعلى الجبل المقابل. لقد كونت معرفة عميقة بالعديد من الجوانب الأصولية للحقائق التي تتشاركها أدياننا. لقد حدث عدة مرات في السنوات الأخيرة، نصحنا رسل كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة بالالتزام بالتعاليم الأساسية للكتاب المقدس واتباعها بدلاً من تحري الأسرار المقدسة. يحفل القرآن بالكثير من هذه المبادئ الأصولية التي طلب آبانا من جميع أطفاله اتباعها وعلينا الشعور بالامتنان تجاه أي بصائر إضافية نحصل عليها عبر القراءة. وعلى ذات المنوال، توجد مثل هذه الحقائق في كتاب مورمون وتقدم فهمًا متعمقًا من منظور مختلف للمسلمين كذلك.

هذا لا يعني أن أينا عليه إهمال أو استبدال دراستنا اليومية للنصوص المقدسة التي نؤمن بها أو حتى محاولة قراءة بعض الكتب الأخرى قبل أن نقرأ ونفهم كتبنا أولاً. لكن يمكننا الاستمتاع وحتى تقوية إيماننا من خلال النظر إلى نفس المبادئ عبر سياقات مختلفة وتوسعة إدراكنا بمقارنتها بالكلمة الموحية إلينا.

على سبيل المثال، أول سورة بالقرآن هي سورة الفاتحة، وهي أحد أجمل وأشمل الآيات التي أوحي بها إلى الإنسان في أي وقت. ويتلو المسلمون هذه السورة في كل صلواتهم وهي تعتبر جوهر الإسلام في سبع آيات فحسب. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ". [8]

يشير التعليق المذكور في نسخة القرآن طبعة مركز الملك فهد العالمي للترجمة بالمملكة العربية السعودية إلى أهمية هذه السورة فيذكر أنه عند تلاوة آياتها في الصلاة، "... يمكننا الصلاة بشكل صحيح، وهي تعني أن لدينا معرفة بالله وصفاته وعلاقته بنا وخلقه، الذي يتضمن خلق الإنسان نفسه؛ نحن نلمح الأصل الذي خلقنا منه، والهدف النهائي من خلقنا وهو مصيرنا الروحي تحت قضاء الله: ثم نقدم أنفسنا لله ونسعى لجنته".[9]

تذكر حاشية هذه الآيات "بإجماع العالمين أنها البداية الصحيحة للقرآن، حيث تلخص بكلمات معجزة شاملة علاقة الإنسان بالله حال تدبره وفي صلاته. عند تفكرنا أولى الكلمات المذكورة هي الحمد. إذا كان الحمد من وليجة أنفسنا، فإنه يقربنا أكثر من الله. ومن ثم ترى أعيننا كل الخير والسلام والوفاق. في حين أننا نتطهر من الشر والعصيان والنزاع. لن توجد هذه الآثام في قلوبنا، حيث تتجاوزها أعيننا ونحمد الله على ذلك. ومن ثم يمكننا رؤية صفات الله على نحو أفضل (الآيات 2-4). يقودنا ذلك إلى صفة العبودية والشكر (آية 5). وأخيرًا ندعو الله بالهداية ونتدبر معنى الهداية (الآيات 6-7)".[10]

عندما يقرأ المسلمون هذه السورة خمس مرات في اليوم في بداية كل صلاة، يستطيع المسلم أن يصنع حاجزًا بينه وبين إلهاءات العالم أجمع ويولي فكره نحو واقع العالم الروحي وما نقوم به جميعًا على سطح الأرض.

بقدر اهتمام تعاليم الكتاب المقدس لكنيسة يسوع المسيح لقديسي الآيام الأخيرة، تمثل سورة الفاتحة مثالاً جيدًا لكيفية توجه الإنسان إلى الله في صلاته متسمًا بالاحترام، حيث يحمده ويشكره على دوره في حياتنا ويدعوه إلى استمرار مساعدته في توجيهنا إلى طريقه القويم. إنه نص مقدس بليغ يقودنا للتفكر والتبصر بشأن صفة آبانا في السماء وتعامله معنا.

تتعرض السور المائة وأربعة عشر التالية في القرآن الكريم للمزيد من الحقائق الإنجيلية ومنها تلك الموضوعات المهمة عن الصلاة والتوبة والإيمان والروح القدس والصدقات (الزكاة)، وكلمة الحكمة (قانون الصحة)، والصيام ووحدة العائلة والبعث ويوم الحساب والجنة والفردوس والفضيلة والوصايا العشر. كذلك هناك إشارات للمعابد والميثاق ويأجوج ومأجوج، وكتب إبراهيم وموسى[11]، والعائلة في الحياة الأخرى (العلاقات العائلية في الجنة) وكذلك إشارة لما يعرفه الكثير من علماء كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة عن النبي ليهي (هود بالقرآن) [12] وهو ما يحظى بأهمية خاصة لدى أتباع مورمون.

من تفضيلاتي الشخصية التي تتوافق بشدة مع النصوص المقدسة وتعاليم كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة تلك الآيات عن الله العليم[13]، وخطيئة كفران النعمة[14]، واقتباس نور المؤمنين[15]، وحضور الملائكة الحفظة[16]، والصبر وعاقبته الجنة[17]، والحاجة للابتلاء والعقاب[18]، والحض على النفقة[19]، والتحذير من التكبر والغرور[20]. بالإضافة لذلك، تقدم سورة مريم (ماري، أم يسوع المسيح) قصة جميلة عن ميلاد المخلص وتبدأ بقصة زكريا وميلاد يوحنا المعمدان. [21]

هناك كذلك تشابه رائع لقصة صاحب الجنتين[22] (التي تبدو موضوع مفضل للمتشابهات بين أغلب النصوص المقدسة لدينا) وطوال صفحات القرآن هناك تلك القصص التعريفية عن حياة جميع الرسل الرئيسيين: إبراهيم، موسى، نوح، أدم، إدريس، ويسوع المسيح. وكذلك نماذج وتعاليم من قصص لوط وأيوب ويونس وإلياس وقصة داوود وجالوت وقصة سليمان وداوود وقصة يوسف في مصر وإسحاق وإسماعيل وكذلك قصة قابيل وهابيل، حيث يتناول القرآن هذه القصص في العديد من السور.

هناك الكثير من الحكم الروحية التي يمكن اكتسابها من قراءة القرآن بخشوع وفهم. ومن الأفكار الجيدة كذلك قراءة تفسيرات العلماء المسلمين الواردة ضمن أغلب النسخ المترجمة. وينصح بأربعة نسخ. الأولى، وهي المستخدمة كمرجع أساسي لهذا الكتاب، وهي طبعة دار نشر بنغوين لكتاب القرآن الكريم بترجمة نعيم جوزيف داود. وعلى الرغم من أن هذه النسخة تحتوي على حواشي مختصرة بدون تفسير، إلا أن الترجمة الإنجليزية سهلة القراءة وبلغة حديثة، وسهلة الفهم من المرة الأولى إذا أردت القراءة سريعًا بهدف الفهم الشمولي. وحيث أنه كتاب لبنغوين، فإن هذه النسخة تتوافر عادةً في المكتبات دون الحاجة لعمل طلب خاص.

أما إذا كان الهدف هو عقد المقارنات والبحث في آيات معينة والتفسيرات، فإن النسختين الأخرتين هما المستخدمتين عادةً في جميع أنحاء العالم. حيث إن النسخة الأولى عبارة عن مجلد ضخم لعبد الله يوسف علي، القرآن الكريم: الترجمة التفسير، أما الثانية فصاحبه محمد مرمدوك بكتال، معاني القرآن المجيد. يقدم كلا هذين المجلدين تفسيرات مستفيضة على الرغم من أن الترجمة الإنجليزية أكثر صعوبة (مثل قراءة الإنجيل بالإنجليزية مقارنة بكتاب المبادئ والعهود المقدم بلغة إنجيلزية معاصرة). كما ينبغي أن يتم طلب هذين الكتابين بسهولة من خلال أغلب المكتبات وعبر موقع Amazon.com.

أما النسخة الرابعة فهي المعنونة تفسير معاني القرآن الكريم باللغة الإنجليزية والتي أصدرتها دار السلام في الرياض، المملكة العربية السعودية 1996 و2011 (المتاحة على الإنترنت عبر موقع Amazon.com). وتعرف هذه الترجمة بكونها الأكثر دقة وتحتوي على ملخص للتفاسير والحديث من تفاسير الطبري والقرطبي وابن كثير والبخاري، وهؤلاء من الأعلام التاريخيين في مسائل العقيدة الإسلامية.

تم ترتيب القرآن على نحو جعل السور الأطول في البداية في حين وضعت الصور الأصغر في نهاية الكتاب. السورة الثانية هي الأطول فتتضمن 286 آية، بينما آخر سورة رقم 114 (سورة الناس) لا يتجاوز عدد آياتها ست.

كذلك فإن معنى الكلمتين السورة والآية يحمل دلالة دينية. فكلمة سورة تترجم إلى "الدرجة أو الخطوة التي تمكننا من الرقي، أما كلمة آية، فتعني "علامة" وهي تشير إلى "الوحي كعلامة على حكمة الله والخير تمامًا مثلما يعد صنع الله الرائع في خلق المادة أو قضاؤه في الحياة علامات لنا، إذا فهمنا".[23]

يمكن تناول كل آية بالقرآن كوحدة منفصلة حيث تعلمنا حقيقة آلهية. وفي حين تم كتابة الكتاب المقدس وكتاب مورمون بشكل أساسي في شكل سرد قصصي من خلال ربط عدة آيات مع بعضها (مثل جريدة مناسبة أو أي نمط كتابي آخر)، فإن القرآن يتألف بشكل أساسي من الكثير من الآيات المنفصلة التي تغطي موضوعات متنوعة تم ترتيبها حسب تاريخ الوحي بدلاً من المحتوى. لذلك، فالآية التي تتعرض للصلاة قد تفصل بين آيتين تتعرضان للطلاق ومعاملة الأرامل.[24] ثم يلي ذلك آيات أخرى تتعرض لنفس الموضوعات تتشابه مع الآيات الأولى. قد يبدو ذلك غير مترابط وصعب القراءة لمن اعتاد على قراءة النصوص المقدسة السردية.

أما سبب ذلك فذو بعدين، الأول لأن القرآن نزل عبر النقل الشفهي، حيث أخبر به جبريل إلى محمد ثم نقله محمد لأصحابه لحفظه، من المستحيل تقريبًا نقل كل هذه المعلومات مرة واحدة. لذلك، نزل القرآن في أجزاء كثيرة صغيرة مما سهل حفظه وعزز ذلك الآيات الأخرى التالية بعد تلك الأولى التي أمر المسلمون بحفظها. كذلك، فعند النقاش بين شخصين، من المعتاد القفز من موضوع لآخر، لذلك يتبع القرآن صيغة الكلام البشري عند إجراء حوار. مع ذلك، فجميع الموضوعات مرتبطة بالهدف الرئيسي – وهو الإنسان وعلاقته بالله، وكيفية عبادته وإرشاده للحياة القويمة.

أما البعد الثاني فيتعلق بمبدأ النسخ أو الاستبدال كما يفسر ذلك القرآن. فمبدأ النسخ يفعل في حال وجود أي أخطاء في النقل والحفظ بواسطة الرسول أو أتباعه، أو كان هناك حاجة لتعليم المزيد من المعلومات في سنوات تالية بشأن موضوع معين خرج بالفعل إلى النور (يجب مراعاة أن الوحي القرآني نزل على النبي محمد على مدار 22 سنة).

كما أن الآيات التالية لا تبطل السابقة بينما توضح العقائد المذكورة بالقرآن. ولكن هذا سبب وجود الكثير من الآيات التي تبدو مكررة وتتحدث عن نفس الموضوعات في أماكن مختلفة طوال صفحات القرآن. "مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ألَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (سورة 2: 106). ومن المثير أن الله قد يأذن بنسيان آيات، ولكن إذا حفظناها بشكل خاطئ، من المفهوم أن تستبدل هذه الآيات بأخرى جديدة أكثر صحة.

كذلك يوجد بالقرآن العديد من الآيات الغامضة عن عمد. فسر ذلك الله سبحانه كوسيلة للتمييز بين أصحاب العقل عن الكافرين. "هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ" (سورة 3: 7). تشبه هذه الآية السبب الذي جعل المخلص يعلم المتشابهات فيقول "مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ" (الكتاب المقدس، ماثيو 11: 15)

إلا أن القرآن بشكل عام نزل أساسًا كما يقول الله: "اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ... قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ" (سورة 39: 23-28) لقد نزل القرآن شفاهة، ونزل كي يسمع لا لكي يقرأ. ستجد أنه من الجميل الاستماع لتجويد القرآن والإيقاع والترنيم باللغة العربية وفق تلاوة متخصصة (القراءات) وهي تجعل المستمع: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ" (سورة 39: 23).

ولهذا يعد القرآن كلام الله الحرفي لدى المسلمين عندما يتلى باللغة العربية، حيث لا يمكن ببساطة مقارنة أي ترجمة بأي لغة أخرى بكلام الله الأصلي الذي لديه القدرة على التأثير في القلوب. إن حقيقة تلاوة المسلمين للقرآن خمس مرات في صلواتهم اليومية تجعل من المنطقي حفظ الكلمات الأصلية وكذلك بقاء آيات عديدة في الذاكرة كي يصلي بها المسلم. ويخلد هذا الأمر التلاوة الشفهية للقرآن من جيل إلى جيل وساعد في ديمومة النص الأصلي.

لذلك فمن المهم عند قراءة أي ترجمة بالإنجليزية للقرآن أن نتذكر إنها ليست سوى تقريب دقيق للكلمات العربية الأصلية، وليست ترجمة حرفية مماثلة في المعنى أو النمط. في الحقيقة، فحتى الثلاث ترجمات الموصى بها المذكورة آنفًا تختلف كثيرًا في اختيار الكلمات الخاصة بأي آية. هذه الاختلافات في الترجمة قد تؤدي كذلك إلى تغيير في المعنى. التعليقات مفيدة، إلا أن الوسيلة المثلى لقراءة القرآن هو القيام بذلك بروح وقلب متفتح تجاه فهم حقائق الله.

ستواجه ذات الصعوبات أي مسلم يقرأ كتاب مورمون أو أي نصوص مقدسة أخرى باللغة العربية خاصة بكنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة. على أحسن تقدير، تمثل الترجمة محاولة تقريبية غير موجودة في النصوص الإسلامية ومن الصعب تحقيق الفهم الدقيق من المرة الأولى. يجرى الآن إعداد ترجمة جديدة حاليًا، ولكن حتى عند إصدارها، ستلتزم بالاصطلاحات الخاصة بكنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة أو المقارب العربي لها حتى يمكن إدراك المعنى الكامل.

لقد وجدت أنه كلما استغرقت في قراءة القرآن، صار من الأيسر فهمه. أنا متأكد أن ذات الأمر ينطبق على المسلم الذي يقرأ كتاب مورمون. إلا أن الفوائد تتجاوز كثيرًا الصعوبات وآمل أن يأتي الفهم من دون كثير جهد من كلا الطرفين.

هناك الكثير مما يمكننه إحرازه عند قراءة النصوص المقدسة للآخرين. ربما تبدو الفائدة الأعظم في تطوير شعور الرحمة والبر لكل من يسعى أن يتعايش مع تعاليم هذه الكتب. إذا فهمنا ما أنزله الله علينا ورأينا كيف أن هذه المبادئ الأساسية تتبع حقائق الوحي، سنتشارك جميعًا على أرضية مستقيمة عامة ضد القوى المعادية التي تواجهنا في عالم اليوم. نستطيع العمل على بناء جسور الاحترام والفهم والالتزام القويم تجاه الحقيقة الموحية مما يسمح بالتفاعلات الإيجابية والحوارات البناءة فيما بيننا. وعليه سيسمح ذلك لنا بتجاوز النقاط الفردية لكل عقيدة التي تحمل أي اختلافات ونركز عوضًا عن ذلك على مبادئ الحقيقة المترسخة لدينا جميعًا.

في القرآن يقول الله تعالى: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ، وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ ۖ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ " (سورة 2: 40، 41). إذا تهيأ جميع الناس لقبول كلام الله المنزلة إلى الأرض، سوف يكون من الأيسر كثيرًا قبول الحقائق الموحية الأخرى التي أنزلها علينا سبحانه عبر الرسل السابقين ومباشرة عندما ينزل يسوع المسيح مرة أخرى ليعلمنا جميعًا كأمة واحدة.

[1] اللامانيون هم مجموعة أخرى من سكان أمريكا القدامى الذين انفصلوا عن النافيون بعد الوصول لأمريكا بقليل. وللحصول على أمثلة حول صعوبات التغلب على الاعتقادات الخاطئة القديمة، راجع المدخلات في جزء "التقاليد" في فهرس الموضوعات والفهارس نسخة الملك جيمس للكتاب المقدس لكنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة.

[2] كتاب مورمون، نافي الأول 13: 35-41

[3] يشير "التكفير" إلى دور يسوع المسيح كمخلص وفادي وسوف يناقش بالتفصيل في الفصل السادس.

[4] بشكل أساسي تتعامل "القوانين الدنيا" أو "شريعة موسى" مع عقيدة القصاص – العين بالعين، والسن بالسن، حيث لا مجال للرحمة.

[5] تعتمد "القوانين العليا" على الرحمة من خلال غفران الخطايا بعد فداء يسوع المسيح. انظر كتاب مورمون، ألما 34، وكتاب مورمون، ألما 42، وكتاب مورمون، نافي الثاني 9 ، ولمزيد من التوضيح بشأن وجهة نظر كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة وتعريف التكفير والرحمة والعدل.

[6] كتاب مورمون، نافي الأول 13: 35-41، ماثيو 5:17

[7] الكتاب المقدس، ماثيو 5-7

[8] القرآن الكريم، مركز الملك فهد العالمي للترجمة، المملكة العربية السعودية، ص. 3 و4

[9] المرجع السابق ص. 2

[10] المرجع السابق ص. 3

[11] ذكرت كتب إبراهيم وموسى في الخريدة النفيسة لكنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة وتعد نصوصاً مقدسة.

[12] يذكر كتاب مورمون في مقدمته أن ليهي كان والد النبي نافي الذي سافر مع عائلته من خلال أرض العرب حتى وصل إلى حضرموت. تشبه قصته في كتاب مورمون قصة نبي الله هود في القرآن. انظر http://rsc.byu.edu/archived/selected-articles/pre-islamic-arabian-prophets

[13] سورة 64: 1-4

[14] سورة 14: 32-34 مقارنة بكتاب مورمون، سفر موصايا 4

[15] سورة 57: 12-15 مقارنة بحكاية العذارى في الكتاب المقدس، الملك جيمس 25: 1-13

[16] سورة 13: 8-11

[17] سورة 13: 20-24، سورة 3: 199-200

[18] سورة 2: 214-216 مقارنة بالمبادئ والعهود 122؛ سورة 57: 22-23، سورة 32: 21-22

[19] سورة 3: 92

[20] سورة 31: 18-19

[21] سورة 19: 2-34

[22] سورة 18: 32-44

[23] القرآن الكريم، ترجمة الملك فهد، ص. 2

[24] سورة 2: 237-240