Chapter 8

الفصل الثامن

السلام على الأرض

يتذكر أغلب الناس أين كانوا في الحادي عشر من سبتمبر 2001 بينما كانوا يستمعون للأخبار. لقد سافرت إلى رأس الخيمة، مدينة تبعد نحو 225 كيلومترًا من منزلي في العين في هذا الثلاثاء للتدريس لأحد فصول التعلم عن بعد. كنت في مطعم الفندق لطلب طعام العشاء، عندما سألتني النادلة إذا كنت سمعت عن الأخبار المفزعة. قالت إن طائرة أمريكية اصطدمت ببرج التجارة ويجري تغطية الحادث عبر قناة CNN الفضائية. لقد اعتقدت أنها تعني برج التجارة العالمي في دبي وصرت أتخيل حدثًا دوليًا ضخمًا كهذا يحدث هنا في الإمارات وينقل مباشرة عبر أجهزة التليفزيون إلى جميع أنحاء العالم. لم يعد الأمر كذلك بعد أن شاهدت مشهد مانهاتن المألوف عبر الأفق على شاشة التليفزيون، عندئذ أدركت أن شيئًا أكثر خطورة حدث. لا يمكنني أن أنسى هذه اللحظة التي تابعتها من نصف العالم الآخر، عندما سقط البرجين وتغيرت حياتنا جميعًا.

لقد تركت كارثة الحادي عشر من سبتمبر أثرًا خالدًا في نفوسنا جميعًا لم يكشف المستقبل عن جميع طياته بعد. خلال الشهر التالي للحادث، استقطب الناس سريعًا إلى معسكرين :الحزن والانتقام. بينما كان الكثيرون يبكون لفراق أحبائهم وأصدقائهم ومعارفهم ممن أصيبوا مباشرة خلال الهجمات، تلهف أكثر الأمريكيين إلى رد فوري وصاعق من خلال الانتقام. لقد كنا الضحايا الأبرياء، المعذبون، وكانت العدالة إلى جانبنا.

اختار البعض أن ينقض على أي شخص يوحي مظهره أنه ينتمي لجنس أو يشارك بشكل عام المعتقدات الدينية للإرهابيين، سواء ثبت ذلك أم لا. وانفجرت جرائم الكراهية ضد أمريكيين أبرياء في جميع أنحاء الولايات المتحدة، فتم استهداف المسلمين والعرب وحتى تلك المجموعات غير المرتبطة بالدين أو العرق وتعرضوا لجرائم متعسفة في محاولة للبعض للتنفيس عن رغبات للثأر.

وتعرضت المساجد للتخريب وشاعت التهديدات على حياة تلك المجموعات من البشر ممن كانوا أنفسهم يعانون مثل أي شخص من آثار الكارثة. لقد امتزج حزنهم بالخوف على أمنهم الخاص واختار الكثيرون عدم الخروج من منازلهم أو الاختلاط بالآخرين لوجود احتمال حقيقي لتعرض أسرهم أو مجتمعاتهم للاعتداء. حاول قادة الحكومات العالميين وقادة الكنيسة دعم ضحايا التعصب الأبرياء، بيد أن ذلك لم يمنع الجهلة والظالمين من الاستمرار في جرائم الاعتداء والثأر الحاقد اعتمادًا فقط على الخلفية العرقية أو الانتساب الديني.

أصدرت الرئاسة الأولى لكنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة البيان التالي في 21 سبتمبر 2001: "تمتعت كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة بعلاقة طويلة يسودها الاحترام المتبادل مع الكثير من قادة وأتباع الإسلام. لقد أدركنا أن مسئولية الأفعال البغضية التي تمت في الحادي عشر من سبتمبر إنما لا تعبر بأي حال عن آراء ملايين المسلمين في جميع أنحاء العالم. يؤسفنا أن نسمع عن حالات حيث تعرض أعضاء أبرياء لهذا الدين وأديان أخرى لأعمال انتقامية. نحن نشجب هذه الأفعال الخاطئة وعديمة الأخلاق. تحث الكنيسة أعضاءها وجميع الأفراد في كل مكان بإظهار العطف والحب لجميع أبناء وبنات الله." [1]

لسوء الحظ، استمر اتجاه الانتقام العرقي والديني لعدة أشهر كما نشرت العديد من وسائل الإعلام الكثير من الحالات الجديدة. والمحزن حقًا أن هؤلاء الخصوم الجدد لم يدركوا أن سلوكهم وتفكيرهم يماثل تمامًا مثيله لدى الإرهابيين الذين تسببوا في الكارثة الأصلية. عندما ننتقم من مواطنين أبرياء لا يد لهم فيما جرى، يصيرون إرهابيين أنفسهم في دائرة انتقام آثمة – دائرة من دون بداية ولا نهاية حيث يبدو كل فعل كانتقام مبرر لجرم سابق. إن العدالة المتشددة من دون مشاعر الرحمة أو العفو أو التواضع أو الإحسان تؤدي لتفشي عقلية ثأرية العين بالعين والسن بالسن. يؤدي ذلك لعنف يسير مع الأجيال ينتقل من الآباء إلى الأبناء، وتستمر الدورة عبر الزمن لتسبب في مزيد من الحزن والألم والموت ومشاعر الانتقام. نحن نرى ذلك بازغًا في العديد من الدول في العالم اليوم حيث هناك نزاعات وحروب، خاصة في الشرق الأوسط.

إن هذا أبعد ما يكون عما يريده أبانا في السماء لأطفاله خلال حياتهم الأرضية. فهو لم يسمح بخلق تنوع الأديان والأعراق حتى يستغل أطفاله هذه الاختلافات كمسوغ لقتل بعضهم. تقريبًا كل دين أو عقيدة على سطح الأرض يعلم أتباعه أن علينا العيش في سلام مع بعضنا. علينا أن نعامل جارنا مثل أنفسنا وهو متطلب أساسي لكل ذو وعي أخلاقي. استتبع ذلك درجة معينة من الانفتاح والتسامح والفهم. لم يطلب منا أن نقبل آراء ومعتقدات الآخرين تمامًا مثل خاصتنا فجميعنا لديه نعمة الاختيار لاختيار ما سنعتقد فيه. مع ذلك، مطلوب منا السماح للآخرين بنفس حق الاختيار من دون تهديد أو إجبار.

تعلمنا النصوص المقدسة لكنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة هذا المبدأ في ظل المصلحة أو حرية الاختيار. إنها فكرة متكررة يتعرض لها كل رسول في كتاب مورمون. فعلى سبيل المثال، نصح ألما ابنه كوريانتون قائلاً، "أي بني من شاء فليُقبل ويشرب من ماء الحياة مجانًا، ومن يمتنع فليس من يرغمه، لكنه في اليوم الأخير يجازي حسب أعماله." (كتاب مورمون، ألما 42: 27) كذلك نجد يعقوب، شقيق نافي يتحدث كذلك عن شقيقه. "فلتحملوا قلوبكم على الابتهاج، ولتذكروا أنكم مخيرون فيما تفعلون – مخيرون بين سبيل الموت الأبدي وسبيل الحياة الأبدية. (كتاب مورمون، نافي الثاني 10: 23) بعد بضعة أجيال تالية، يقول صموئيل اللاماني يعلمنا: "والآن، تذكروا، تذكروا، أيها الإخوة، أن كل من يَهلِك إنما يُهلِك نفسه، وكل من يفعل الشر إنما يفعله لنفسه، لأنكم بالحقيقة أحرار، وقد سمح لكم أن تتصرفوا بالحرية، لأن الله قد أعطاكم معرفة وجعلكم أحرارًا." (كتاب مورمون، حيلامان 14: 30)

إن حرية الاختيار وممارسة الشعائر الدينية هي منحة وهبها الله لجميع أبناءه. في المبادئ والعهود، القسم 134: "نؤمن أن الله قد أقام الدين وأن البشر مسؤوولون أمامه وحده لممارسته ..." (المبادئ والعهود 134: 4) من الأفكار المغلوطة الشائعة أن الإسلام يعلمنا استخدام القوة أو العنف أو الأعمال العدوانية لحمل غير المسلمين الذين لا يشاركونهم عقيدتهم على الإسلام أو إهلاكهم. هذه المغالطة نتيجة لما روج له المتطرفين الإسلاميين صراحة كجزء من أجندتهم السياسية، غير أن الاتجاه السائد للإسلام لا يتبنى القوة أو عدم التسامح عند التعامل مع وجهات النظر الدينية المعارضة.

على العكس من ذلك، يتضمن القرآن الكريم الكثير من الأوامر الخاصة بالحفاظ على اتجاه القبول وعدم المواجهة عند التعامل مع غير المسلمين. يقول الله في القرآن: "وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ" (سورة 42: 8)[2]. ويوضح الجزء نفسه أن بسبب الخطايا قسم الإنسان الأديان والتعاليم، لكنه لم يقل إن على الناس ترك معتقداتهم وإجبارهم على الدخول في الإسلام. عوضًا عن ذلك يخبر الله المسلمين ألا يجادلوا أولئك من غير المسلمين. "فَلِذَٰلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ" (سورة 42: 15) لاحظ أن العدالة الممارسة هنا ترتبط بقبول وعدم منازعة العقائد المختلفة.

علاوة على ذلك، يقول القرآن: "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" (سورة 2: 256) لكل شخص الحق في اختيار عقيدته. ويقول في سورة يونس "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ" (سورة 10: 99). وفي سورة ق "نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ" (سورة 50: 45). وفي سورة الإسراء "مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا" (سورة 17: 15).

كذلك فقد أنزلت آيات قرآنية أخرى تتحدث بشكل مباشر عن التعامل مع المسيحيين، أو أهل الكتاب، عبر آيات عديدة طوال القرآن. وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ" (سورة 29: 46) يشير التعليق على هذه الآية في ترجمة الملك فهد للقرآن الكريم، "أن الدين الذي أنزل على جميع الناس هو دين واحد ألا هو الإسلام." [3]

في آية أخرى بالقرآن الكريم تتحدث عن الأديان الأخرى في هذا الوقت والاختلافات فيما بينها. "إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" (سورة 2: 62) وفي آية أخرى في ذات السورة "وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَىٰ لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ" (سورة 2: 113)

كان الجدال بشأن المعتقدات أو الممارسات الدينية المختلفة نقطة عتاب في النصوص المقدسة. "وما يؤهله للخدمة هو الإيمان والأمل والمحبة والحب بعين لا تنظر إلا لمجد الله." "فلا يمكن ولا يجب ممارسة القوة أو النفوذ بفضل الكهنوت إلا بالإقناع وطول الأناة والرقة والاتضاع والمحبة الخالصة." [4]إن الجدال بأي شكل كان يثير الخصام ولا يؤدي إلى أي نتيجة باستثناء العداوة والجفاء.

خلال زيارة قوم نافي على النحو المسجل في كتاب مورمون يخبرهم المخلص، "وكما أمرتكم هكذا تعمدون. ولن تكون بينكم خصومات كما كان سابقًا، ولن تكون بينكم خصومات بخصوص مبادئ تعليمي كما كان سابقًا. لأنه الحق الحق أقول لكم إن كل من له روح النزاع فهو ليس مني، بل من الشيطان أبي النزاع، وهو الذي يثير قلوب البشر ليتنازع بعضهم مع بعض بغضب. لأنه ليس من تعليمي أن أثير قلوب البشر على بعضها بغضب، ولكن تعليمي هو أن تزول مثل هذه الأمور." (كتاب مورمون، نافي الثالث 11: 28-30)

سوف يحكم يسوع المسيح بين أي اختلافات في العقيدة ووفق أعمال الرجال في يوم الحساب. تعلمنا نصوص كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة أن من مسئوليتنا التسامح والصفح عن أي شخص اختلفنا معه أو شعرنا بالخطأ تجاهه في الحياة. لقد أخبرنا الرب "أنا الرب سوف أغفر لمن أغفر له، ولكن بالنسبة لكم فأنتم مطالبون بأن تغفروا لكل إنسان. كما يجب عليكم أن تقولوا في قلوبكم: فليحكم الله بيني وبينك، وليجازك حسب أعمالك." [5]بالإضافة لذلك، فالمورمون مأمورون بزيادة فهمهم للثقافات الأخرى ومعرفة الأمم والدول الأخرى والتاريخ واللغات وتعلم كل ما هو مذكور في الكتب المفيدة. [6]كذلك فالمسلمين يتأثرون كذلك بالكتب المفيدة في جميع النحل ويرحبون بالأهداف النبيلة التي تشير إليها. يقول الله في سورة البقرة "قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ" وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ" (سورة 2: 144-145) وفي ذات السورة "وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (سورة 2: 148).

إن الأعمال الصالحة لأتباع أي عقيدة سيجزون بها أمام الله، سواء كانوا مسلمين أم مورمون أو أي طائفة أخرى. إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ، وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ، فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ" (سورة 21: 92-94)

أما الأعمال الصالحة التي يؤديها الأتقياء من أي دين، هناك آيات أخرى بالقرآن تعلمنا أن بعض المسيحيين على صواب في ممارسة اعتقاداتهم. لَيْسُوا سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ، يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ" (سورة 3: 113- 115) وفي نهاية السورة يقول الحق: "وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ" (سورة 3: 199)

كذلك يقبل الإسلام التعاليم المذكورة في الإنجيل والتوراة كوحي حقيقي منزل من الله. إذا اتبع المسيحيون هذه التعاليم، سيكون مثواهم الجنة. "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ، وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ" (سورة 5: 65-66)

إن جميع أبناء الله المتقين في حياتهم جزاؤهم في الأخير مجد أبدي. [7]يؤمن المورمون أنه عندما يعود يسوع المسيح إلى الأرض ليحكمها أثناء الألفية، سيكون هناك الكثير من الأتقياء والصالحين من عقائد عديدة يعيشون على الأرض مع بعضهم وسوف يوحدهم جميعًا بينما يترأس الحكم والدين. ستكون الأرض أخيرًا مكانًا للسلام لجميع الثقافات والأديان والأعراق. سوف تكون جنة حقيقية لأولئك المؤمنين بشهادات الحق، بغض النظر عن الرسول أو الزمن أو اللغة أو مكان الوحي بالحقيقة.

بشأن جنة الخلد حيث يجتمع جميع الصالحين، يصفها القرآن بأنها مكان لا يسمع فيها إلا صوت السلام. [8] بالإضافة لذلك، فإن البشارة بالسلام لجميع البشر يتكرر ذكرها في مواضع عديدة بالقرآن الكريم. وهي ترتبط بالصدقة والمعروف وتعد حلاً عند قتال الأعداء بدلاً من إشعال الحرب. لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا" (سورة 4: 114) وفي آية أخرى وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" (سورة 8: 61)

لكل من كلمتي "مسلم" و"إسلام" نفس المصدر في اللغة العربية وتترجم حرفيًا بمعنى السلام. كذلك فتحية المسلمين بعضهم البعض عند المقابلة هي السلام. فالكلمة الأكثر شيوعًا عن اللقاء هي "السلام عليكم".

لسوء الحظ، فإن عالمنا ليس جنة السلام. فكثير منا متعطش للسلطة والهيمنة الشريرة على الآخرين. [9]يستغل البعض دينهم في تفسير أعمال العدوان وفق الحالات المذكورة في النصوص المقدسة بشأن الدفاع عن العقيدة. وكما هو الحال مع جميع النصوص المقدسة المنزلة على كثير من الرسل لأناس مختلفين، يمكن تحريف قوانين وكلمات الله وتأويلها من قبل الأفراد الذين يسعون لمبرر لجميع أنواع الأعمال الشريرة. بيد أن هناك سوء فهم هائل بشأن الإسلام للتفكير أن جميع المسلمين يؤيدون أعمال العنف ضد الأبرياء كجزء من الدفاع عن العقيدة.

بشأن مبدأ الدفاع والنضال بشأن الحقيقة، في مواضع عديدة في الكتاب المقدس وكتاب مورمون، أمر الله مجموعات معينة من الجيوش والرسل باستئصال الأشرار عبر الحروب والإعدامات وحتى الاغتيالات. [10] إن الحروب المقدسة ليست فكرة جديدة أو مرتبطة فقط بالإسلام. فحتى في وقت جوزيف سميث النبي، أمر القديسون بالدفاع عن العقيدة حتى لو كان مقابل ذلك حياتهم. وإذا انتهيت حياتهم، سيكون مثواهم الخلود الأبدي مقابل تضحياتهم. "ومن يضع حياته من أجلي ومن أجل اسمي سوف يجدها ثانية حتى الحياة الأبدية. وعلى ذلك، لا تخافوا من أعدائكم لأني قررت في قلبي، يقول الرب أن أجربكم في جميع الأمور لكي أرى إن كنتم ستتبقون في عهدي حتى إلى الموت كي توجدوا مستحقين." (المبادئ والعهود 98: 13، 14) [11] أما من يموتون في سبيل الله فسوف يكون موتهم عذبًا. "والذين يموتون بي فلن يذوقوا الموت لأن الموت سيكون عذبًا لهم." (المبادئ والعهود 42: 46) غير أن ذلك لا يعني القول إن كل من يموت لأجل غاية دينية سيحظى بالبركة، ولكن فقط هؤلاء الذين أمرهم الله بذلك عبر رسله. ولكن من السهل رؤية كيف أن هذه النصوص عندما تجتزأ من سياقها، يمكن أن تكون أساسًا للتأويلات المضللة التي تقود إلى أعمال عدائية والتفجيرات الانتحارية لوجهة نظر جميع المتطرفين المتحمسين من أي عقيدة.

يتضمن القرآن الكريم الكثير من الوحي عن القتال في سبيل الله، والدفاع عن الخير وكل من يفقد حياته في هذا الصراع سيكون مآله إلى الجنة نظير تضحيته. تتحدث الكثير من المراجع عن معارك محددة حدثت في بداية زمن الوحي واجهها النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأتباعه. كما الحال مع القديسين الأوائل لكنيستنا الذين واجهوا الاضطهاد والتشريد، كذلك كان على المسلمين الأوائل القتال بأرواحهم دفاعًا عن عقيدتهم وكانت كلمات الله تساعدهم في معاركهم. ولكن حتى لو نظرنا للأمر خارج السياق التاريخي، فإن مبادئ الدفاع عن الحق والتضحية بالنفس مميزة بوضوح عن الأعمال الإرهابية العدائية ضد الأبرياء.

إن أولئك ممن يقاتلون في سبيل الله سيكون مثواهم الجنة. "فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ، سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ، وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ" (سورة 47: 4-6). تلي هذه الآيات مباشرة بعد وصف كيفية قتال الأعداء في المعارك. يشير الوحي إلى هذا النوع من القتال كاختبار لكلا الطرفين، حيث يمكن لله معاقبة الأشرار حال اختياره. وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ". (سورة 47: 4)

بطبيعة الحال، يعلمنا الإسلام الوصية الأساسية لقتال الكافرين. [12]إن أخذ روح الإنسان ليس بالحل المقبول أبدًا للاختلافات الدينية، وحتى إذا اعتقد الإنسان أنه على حق، فإن ذلك لا يعفيه من الحساب. "قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا، أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا، ذَٰلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا" (سورة 18: 103-106) وقارن الآيات بـ (كتاب مورمون، نافي الثاني 15: 20-23).

يقول القرآن أن للأديان الرئيسية الثلاث نفس الوحي المنزل بشأن القتال في سبيل الله. "إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" (سورة 9: 111) تم توضيح القتال سبيل الله في آيات أخرى أنه في حال الدفاع فحسب – وليس العدوان. "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" (سورة 2: 190) توضح هذه الآية بشكل لا يقبل اللبس كيفية ومكان القتال في حين يمكن العفو عن العدو حال ندمه في أي وقت. [13]

في كتاب المبادئ والعهود لكنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة، يخبرنا الله قوانين محددة للغاية بشأن كيفية ووقت القتال ويتضمن فرصة العفو كذلك. "ومرة أخرى هذه هي الشريعة التي أعطيتها لقدمائي بأنهم لا يخرجون للقتال على أية أمة أو قبيلة أو لسان أو شعب ما لا أوصيهم أنا الرب بذلك. أما إذا أعلنت أية أمة أو لسان أو شعب الحرب عليهم، يجب عليهم أولاً أن يرفعوا علم السلام إلى ذلك الشعب أو الأمة أو اللسان. فإن لم يقبل هذا الشعب عرض السلام لا الثاني ولا الثالث، يجب أن يقدموا هذه الشهادات أمام الرب. وعندئذ أن الرب سأعطيهم وصية وأبرر خروجهم للقتال على تلك الأمة أو اللسان أو الشعب. وأحارب أنا الرب معاركهم ومعارك أطفالهم ومعارك أطفال أطفالهم إلى أن ينتقموا لأنفسهم من جميع أعدائهم إلى الجيلين الثالث والرابع. فإن هذا مثل لجميع الشعوب، هكذا يقول الرب إلهكم، للتبرير أمامي. وأكرر القول فالحق أقول لكم: إذا خرج عدوكم عليكم للمرة الأولى، ثم تاب ورجع إليكم راجيًا غفرانكم، فإنه يجب عليكم أن تغفروا له وألا تأخذوا على عدوكم ذلك فيما بعد". (المبادئ والعهود 98: 33 – 39)

أما بشأن استخدام الهجوم مقابل الدفاع في القتال لقضية عادلة، يتضمن كتاب مورمون أمثلة عديدة تتضمن مشورة خاصة جدًا. كما سجل حيلامان بشأن حروب قوم نافي في زمنه نحو عام 73 قبل الميلاد، "وكان النافيون قد روضوا على حماية أنفسهم من أعدائهم ولو تطلب ذلك سفك الدماء، كذلك لقنوا ألا يجوروا وألا يرفعوا سيفًا ما لم يكنذلك على عدم وما لم يكن ذلك دفاعًا عن حياتهم". (كتاب مورمون، ألما 48: 14)

وعند التعامل مع إرهابيي زمانهم، عصابة جاديانتون، ممن كانوا في السر يعملون كل الآثام، أمر النافيون مرة أخرى بعدم الهجوم للقضاء عليهم، ولكن اتخاذ وضع الدفاع. وأُخبروا أنهم إذا أخذوا المبادرة بالهجوم على اللصوص ومقاتلتهم، سيتم تسليمهم إلى أيدي اللصوص بدلاً. ومن ثم، أُمروا بالانتظار حتى يتعرضوا للهجوم لذلك سيسلم الرب اللصوص إليهم. [14] بطبيعة الحال، كان الحل الأمثل للإصلاح النهائي لهؤلاء اللصوص هو دعوتهم بدلاً من القضاء عليهم. "وحدث أن اللامانيين فتشوا عن عصابة لصوص جديانتون، كما قاموا بالتبشير بكلمة الله بين الجزء الأكثر شرًا منهم حتى تلاشت هذه العصابة من اللصوص تمامًا من بين اللامانيين". (كتاب مورمون: حيلامان 6: 37)

ربما من أحد الأسباب أن الأب في السماء يسمح بتجمع هذه القوى ضد الأتقياء لاختبارهم ليرى كيف عملهم. إن قتال الشر في معركة لا يتم إلا بالوسائل المستقيمة لاجتثاث الشر. وكذلك فتبليغهم بدعوة الحق هو اختبار أشد بكثير للتحمل والتسامح والإحسان. لم يزل تستخدم قوانين العدالة والانتقام والثأر والعفو والرحمة والمصالحة طوال النصوص المقدسة كوسائل لعلاج النزاع بين القوة المتصارعة.

إن ما يبدو مهمًا هو الاتجاه المنفذ أثناء القتال لغاية عادلة. فالثأر غير مقبول على الإطلاق كوسيلة لتنفيذ العدالة، مع ذلك، هناك قانون القصاص المذكور في العهد القديم كجزء من قانون موسى. ينطبق ذلك بشكل مباشر بذات القانون المذكور في كتاب مورمون وفي القرآن الكريم. "وَإِنْ حَصَلَتْ أَذِيَّةٌ تُعْطِي نَفْسًا بِنَفْسٍ، وَعَيْنًا بِعَيْنٍ، وَسِنًّا بِسِنٍّ، وَيَدًا بِيَدٍ، وَرِجْلاً بِرِجْل، وَكَيًّا بِكَيٍّ، وَجُرْحًا بِجُرْحٍ، وَرَضًّا بِرَضٍّ." (الكتاب المقدس، سفر الخروج 21: 23-25) "وَإِذَا أَمَاتَ أَحَدٌ إِنْسَانًا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. وَإِذَا أَحْدَثَ إِنْسَانٌ فِي قَرِيبِهِ عَيْبًا، فَكَمَا فَعَلَ كَذلِكَ يُفْعَلُ بِهِ." (سفر اللاويين 24: 17، 19)

يقول كتاب مورمون أن القاتل إنما يتخلى عن حياته[15] في حين أن القرآن الكريم يتحدث عن القصاص كوسيلة لحفظ الحياة. إذا كان عقاب أخذ الحياة سيعني الحفاظ على حياتك، فإن ذلك يبقى رادعًا أمام حدوث الفعل في المقام الأول. "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (سورة 2: 178-179)

لا يطبق قانون القصاص لإرضاء أي مشاعر للثأر فحسب. إن الله هو الوحيد المنتقم ولا يتم الانتقام إلا من خلال حكمه. "انظروا ما يقوله الكتاب المقدس – لا يحق لإنسان أن يضرب ولا أن يُدين، لأن لي الدينونة يقول الرب ولي النقمة أيضًا وأنا سأجازي". (كتب مورمون، سفر مورمون 8: 20) إذا سعى الرجال للثأر لإرضاء مشاعر الكراهية، فقد يؤدي ذلك إلى أن يقطع سيف العدالة رؤوسهم أيضًا. يتحدث القرآن الكريم عن هذه العاقبة. "وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا ﴿33﴾" (سورة 17: 33)

بطبيعة الحال، عدل يسوع المسيح هذه القوانين الدنيا الخاصة بالقصاص عندما أضاف إليها الرحمة في القوانين العليا. "«سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا." (الكتاب المقدس، إنجيل متى 5: 38-39) يدعو اتجاه الرحمة المسيحي إلى العفو عندما تتطلب العدالة الجزاء من خلال الرحمة.

هناك سوء فهم شائع آخر أن الإسلام لا يعلم سوى القوانين الصارمة من دون رحمة. في حين أن العديد من دول الشرق الأوسط اليوم تعتمد أشكال عقوبة الإعدام وقطع الأطراف على المبادئ القرآنية الصارمة الخاصة بالقصاص، هناك آيات أخرى تعلم بثواب أعلى للعفو والصفح. "وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" (سورة 5: 45) "وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ، وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَٰئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ، إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ" (سورة 42: 40-43)

كذلك هناك مبدأ آخر خاص بحب العدو وعمل الخير لمن يكرهونك بينما تدفع السيئة بالحسنة. وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ، وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ "(سورة 41: 34-35) وينطبق ذلك بشدة على الرسالة إلى أهل روما في الكتاب المقدس "لاَ تُجَازُوا أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرّ. مُعْتَنِينَ بِأُمُورٍ حَسَنَةٍ قُدَّامَ جَمِيعِ النَّاسِ. إِنْ كَانَ مُمْكِنًا فَحَسَبَ طَاقَتِكُمْ سَالِمُوا جَمِيعَ النَّاسِ. لاَ تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، بَلْ أَعْطُوا مَكَانًا لِلْغَضَبِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «لِيَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبُّ. فَإِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ. وَإِنْ عَطِشَ فَاسْقِهِ. لأَنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ هذَا تَجْمَعْ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ». لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ." (الكتاب المقدس، رسالة إلى أهل روما 12: 17-21)

إن تعاليم الإسلام، مع تلك الخاصة بكل دين رئيسي، تروج لمبدأ السلام. نحن جميعًا نعبد الله في السماء، أبانا جميعًا. ولقد قدم إلينا كلماته لإرشادنا إليه، سواء كنا نؤمن بالإنجيل أو كتاب مورمون أو التوراة أو القرآن الكريم، سواء بيسوع المسيح كابن الله أو محمد صلى الله عليه وسلم أو جوزيف سميث كنبي. إذا عشنا جميعًا وفق القوانين العليا للعفو والرحمة والمحبة والتسامح، سنتمكن جميعًا من تقليل هذه الاختلافات الثقافية والعقائدية والعيش في سلام جميعًا في عالمنا المضطرب.

يجب علينا أن نسعى لفهم والتعاطف مع الآخر. علينا التمتع بسعة الأفق تجاه الخلفيات العرقية والدينية والثقافية المختلفة التي قد تختلف بشدة عن مثيلاتها لدينا. يجب علينا أن ننظر إلى الجوانب الإيجابية لمعتقدات الآخر التي تساعد في إيماننا الخاص بدلاً من أن نسعى للاستهزاء أو تدمير قيم الآخر. يجب علينا أن ننحي جانبًا سوء الفهم الآسن الذي يعتمد على استثناءات القلة وعوضًا عن ذلك نفتح قلوبنا وعقولنا لحقائق الفضيلة التي يشاركنها فيها الكثير.

علينا جميعًا "ثم أكرر القول بأن تسعوا للسلام ليس فقط للناس الذين ضربوكم بشدة ولكن لجميع البشر. وارفعوا علامة للسلام وأعلنوا عن السلام في جميع أنحاء الأرض". (المبادئ والعهود 105: 38 – 39) "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" (سورة 49: 13)

كما يقول إلدر راسل إم نيلسون، "نتيجة للتاريخ الطويل من العداء على سطح الأرض، يشعر الكثيرون أن السلام لا أمل منه. أختلف. السلام ممكن. يمكننا أن نتعلم محبة إخواننا في الإنسانية في جميع أنحاء العالم. سواء كانوا يهودًا أو إخواننا مسيحيين، سواء كانوا هنودًا بوذيين أو على أي دين كان، يمكننا أن نعيش في محبة واحترام متبادل، من دون أن نتخل عن قناعاتنا الدينية. إن الأشياء التي نتشارك فيها أكثر بكثير من اختلافاتنا. إن السلام أولوية قصوى تشفع لمسعانا." [16]

دعونا نتحد جميعًا كأخوة وأخوات تحت خالقنا الواحد ونسعى للسير في طريقه المستقيم.

[1] http://www.ldschurchnewsarchive.com/articles/40610/LDS-leaders-reach-out---to-Muslims.html

[2] سورة 42: 8

[3] القرآن الكريم، طبعة ترجمة الملك فهد، ص. 1165.

[4] المبادئ والعهود 4: 5، 121: 41

[5] المبادئ والعهود 64: 10، 11

[6] المبادئ والعهود 88: 78-80، 93: 53، 90: 15

[7] المبادئ والعهود 76

[8] سورة 19: 60-63

[9] المبادئ والعهود 121

[10] الكتاب المقدس، سفر الملوك 18: 40، كتاب مورمون، سفر نافي الأول 4: 10-18

[11] انظر أيضًا المبادئ والعهود 103: 27، 28

[12] سورة 4: 29، 30

[13] سورة 2: 191-193

[14] سورة 2: 191-193

[15] كتاب مورمون، سفر نافي الثاني 9: 35، ألما 34: 12

[16] راسل ماريون نيلسون "مبارك لصانعي السلام"، الراية، نوفمبر 2002 انظر http://www.lds.org/conference/talk/display/0,5232,23-1-315-13,00.html