Chapter 4

الفصل الرابع

بنود الإيمان

عندما كنت أعيش في دولة الكويت في أوائل التسعينيات، سنحت لي فرصة دراسة الإسلام بعمق عن طريق حضور دورة تدريبية للباحثين والمهتدين الجدد تحت إدارة الحكومة برعاية لجنة التعريف بالإسلام. حيث قرَّرت أنه من الأفضل أن أتعلم الدين من مصادر مباشرة في بلد إسلامي بدلاً من الاعتماد على الكتب أو آراء خارجية. لذا طلبت بجرأة من المدير والمعلمين إذا كانوا سيقبلون شخصاً مثلي في فصولهم الدراسية من الذين ليسوا من المهتدين الجدد أو من المتطلعين إلي تغيير دينهم. حيث أخبرتهم بأني مهتم بإجراء بحث مقارنة لاحتمالية القيام بالدراسات العليا وأردت فقط الاستماع والتعلم. لحُسن الحظ، سمحوا لي بالحضور بشرط ألا أسبِّب في تعطيل الفصل بأي من أفكاري المورمونية الكافرة أثناء المناقشات.

والحق يُقال، كانت هناك أوقات عندما كنت ألطُم خديَّ بلُطف لأتأكد أن المدرس هو شخص مسلم بدلاً من آخر من كنيستنا يقوم بشرح فصل في المعهد أو حصة تعليمية أسبوعية1. بعضاً من هذه المواضيع، وخاصة التي تتعلق بالحياة الصالحة والمطيعة للتعاليم، وكأنها تمت قراءتها مباشرةً من دليل تعاليم يوم الأحد، وكان بالتأكيد هناك روحانيات عالية تشهد لصحة كل هذه التعاليم والمبادئ. ولقد اندهشت كثيراً مما سمعت و تعجَّبت جداً بعد اشتراكي لأول مرة في هذه الدورة عندما عرفت كيف تشترك أدياننا في كل هذا. لقد كنت أنساق للحوارات الجانبية مع المُحاضِر بعد انتهاء المحاضرة للنقاش في هذه المعتقدات المشتركة. ولعدة أسابيع، حصلنا على العديد من الحوارات الايجابية والتي قادتنا إلى احترام متبادل للجانبين في العقيدة والقيم. لقد كانت فرصة رائعة لمشاركة مبادئ الانجيل المألوفة والكثير من استنتاجاتنا وأفكارنا والتي أدت إلى كتابة هذا الكتاب.

استخدمنا مرجعاً ممتازاً في هذه الدورة التدريبية وهو (الإسلام تحت المجهر) وأوضح كاتبه (حمُّودة عبد العاطي) المفاهيم الأساسية بشكل واضح وبسيط يَسهُل قراءته. يحتوي الفصل الأول علي مقالات الايمان كأحد أركان الاسلام الرئيسية والتي تحتوي على العقائد الرئيسية. هذه الآيات تم اقتباسها من القرآن الكريم و التي تقول: "وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ " (سورة 2: 177). مبدئياً، لابد أن يؤمن كل مسلم بالإله الحقيقي وأنبيائه ورسله وملائكته والقرآن الكريم ويوم الحساب الذي هو يوم القيامة. والبند السادس دائماً ما يتم ذكره للتعبير عن الحساب الأخير.

كما تحتوي بنود الإيمان الثلاثة عشر التابعة لكنيسة يسوع المسيح لقديسي الايام الأخيرة على نواة المعتقدات الأساسية الموجودة في الانجيل، لذا فإن دراسة هذه المواد الاسلامية الإيمانية الأساسية تقدم وجهة نظر موجزة لأهم العقائد التي تشكَّل الاسلام. لا يُمكن القاء نظرة سريعة على كل هذه العقائد إلا هنا، ولكنها جديرة بالاهتمام بمقارنتها مع معتقدات كنيسة يسوع المسيح لقديسي الايام الأخيرة المتعلقة بنفس المبادئ.

التوحيد

إن الاعتقاد الرئيسي في الاسلام هو الايمان بوجود إله واحد هو الله سبحانه وتعالي. هو كائنٌ بمفرده في موقعه كخالق لكل الكون وكل الأشياء. لا شريك له يعادله وهو الوحيد الذي يعبدونه. هذا الاعتقاد بالتوحيد بالله هو الرسالة الرئيسية التي نقلها الرسول محمَّد (صلي الله عليه وسلم) والسبب الرئيسي الذي بسببه تم ارساله للعرب – للقضاء على جذور الوثنية في عهده والاعلان عن الوجود الحقيقي للواحد الأحد.

وقد أوضح النبي جوزف سميث بكنيسة يسوع المسيح لقديسي الايام الأخيرة في محاضراته عن الايمان "توجد ثلاثة أشياء ضرورية حتى يؤمن أي كائن حي عاقل أن يؤمن بالله إلى الحياة والخلاص. أولاً، فكرة أن الله موجود بالفعل. ثانياً، معرفة الفكرة الصحيحة عن شخصيته وكماله وصفاته. ثالثاً، معرفة ان المسار الذي نسلكه في الحياة، هو وفقاً لإرادته"2.

والمسلمون أيضاً يؤمنون بهذا. وأضاف "بمجرد أن يعرف الشخص بوجود الله، يجب أن يعرف صفاته ومميزاته. وبصفة عامة فإن الكمال والخير المطلق هو لله وحده، وليس به عيبٌ ولا خطأ".3 أسماء الله لها اشارة مباشرة لصفاته وقدراته. ويسرد القرآن الكثير منها، ففي الاسلام توجد قائمة من تسعة وتسعون صفةً أو اسماً من أسماء الله الحُسني.

بعضاً منها " الرحمن، الرحيم، الحامي، الهادي، ذو الجلال والاكرام، الخالق، الحفيظ، الأول، الآخر، الحكم، الحق، السميع، البصير، الشهيد، الواسع، القادر، المقتدِر، اللطيف، الخبير، الكريم، الرقيب، الغني، الصمد، العفُو، الحليم، الصبور، الرؤوف، الأحد، القادر، الحكم، العدل".4 وتتطابق الصفات التي وضعها جون سميث مع قائمة الأسماء هذه حيث أنه شرح بالتفصيل في محاضرات الايمان عن صفات المعرفة، الايمان، القوة، العدل، الرحمة، والحق.

واحدة من السور التي يتم ذكرها كثيراً في القرآن عن التوحيد ونقاء الايمان التي هي: "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. اللَّهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ" (سورة 112: 1-4). هذا المقطع يُلخِّص العقيدة الاسلامية أنه لا إله إلا الله. لا إله ولا صنم يُمكن وضعه في منزلته أو بدلاً منه ولا ينبغي أن ننظر إليه أنه جاء بسبب ما في هذا العالم من خلال التوالد وأنه لم يُولد. واللفظ " يُولد" الذي تم ذكره أعلاه هي للإشارة الحرفية للفعل الجنسي المادي بهدف الخلق بواسطة التوالد كما في الحيوانات والانسان. وهذا التمييز مهم جداً عند النظر لموقف المسيح حيث أنه وحيداً من الآب، والتي سوف يتم مناقشتها فيما بعد.

وبالرغم من علاقة الله بنا، حيث أن المسلمين لا يُشيرون إليه باسم الآب السماوي (فبدلاً من ذلك، نحن نعتبر أنفسنا جزءً من خلقته العظيمة)، فإنهم يعترفون بعلاقته المحددة ومحبته الموجودة في حياتنا.

"إن الله عالٍ وسامٍ، لكنه قريباً جداً من اتقيائه والمؤمنين. فيستجيب لدعائهم ويساعدهم. فهو يحب الذين يحبونه كما يغفر لهم آثامهم. يمنحهم السكينة والسعادة، المعرفة والنجاح، الحياة والحماية. فهو يُرحب بكل من يريد أن يعيش في سلام معه ولا يرفض أحداً. إن باب رحمته مفتوحٌ دائماً للذين يسعون بجد للخلاص والحماية."5

مثلما ذُكر في كتاب المورمون، النبي موصايا، يتمسَّك الاسلام بأنه يجب "آمنوا بالله، أمنوا بوجوده وأنه خلق كل الأشياء، ما في السماء وما على الأرض، أمنوا أنه يملك كل الحكمة، وكل القوة في السماء كما في الأرض، آمنوا بأن الانسان لا يفهم كل الأشياء التي يفهمها الرب. ومرَّةً أخري آمنوا بأنه يجب عليكم أن تتوبوا عن خطاياكم وأن تتركوها وتتَّضعوا أما الله وتسألوا بقلبٍ مخلصٍ أن يغفر لكم، والآن إذا كنت تؤمنون بكل هذه الأمور فافعلوها." (كتاب مورمون، موصايا 4: 9، 10)

الإيمان بالأنبياء (الرسالات).

كما هو مذكور في الفصل الثاني، فإن المسلمين يؤمنون بجميع الأنبياء الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالي عبر العصور بغض النظر عن التوقيت، المكان، أو اللغة التي كانوا يتحدثون بها. ولأن جميعهم مرسلون من الله سبحانه وتعالي وتم اعطاءهم السلطة لإعلان الحقيقة، لذلك تمت المساواة بينهم في الاعتبار والمكانة. تم ذكر خمسة وعشرون نبياً في القرآن الكريم بالرغم من وجود آخرين والذين قيل عنهم"... وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ" (سورة 40: 78).

يتم غالباً استخدام كلمة نبي أو رسول مع التبديل بينهما بالرغم من وجود فرق كبير في المعني والشروط المطلوبة كما ذُكِرَ سابقاً. لا تشير الكلمة العربية نبي إلى الشخص الذي يتنبَّأ بالأحداث المستقبلية، بالرغم من تنبؤ الكثيرين من الأنبياء بمجيء المسيح الدجال6. ولكن النبي هو "الشخص القريب جداً من الله سبحانه وتعالي بواسطة التسليم الكامل لحياته لله وحده ويكشف له الله الوحي الذي يُشكِّل مصدراً للنظام لإرشاد الناس. وإذا كان الوحي في شكل نصوص مكتوبة، يصبح النبي رسولاً كذلك"7.

ولهذا السبب نري في القرآن الكريم أنه تمت الاشارة للنبي محمد (صلي الله عليه وسلم) بأنه نبياً ورسولاً في نفس الجملة8. وللمورمونييِّن، فإن “جوزف سميث يحمل اللقبين معاً. ومن المثير للاهتمام أنه في تلاوة الشهادة، أو القسم الرئيسي في الاسلام، أن المسلمون يعلنون أنه لا إله إلا الله وأن محمد صلي الله عليه وسلم هو رسوله. في حين أن المورمونييِّن يعلنون في قسمهم أن “جوزف سميث هو نبياً من الله وليس رسولاً فقط. ان الاختلافات في تعريف الكلمات نبي ورسول في كل ديانة تجعل هذه الشهادات هي النقاط الأكثر أهمية في القسم المختلف لكل ديانة.

يعلِّم الاسلام أن رسالة ومهمة جميع الأنبياء هي متطابقة " هي خدمة الله، تعريف الانسان بالله وتعاليمه الإلهية، لإقامة الحق والخير، لمساعدة الانسان في إدراك الهدف الحقيقي من الوجود وتساعده على الحياة بطريقة هادفة."9 لذا فإن تعاليم جميع الأنبياء متسقة ومتكاملة وجميع كتبهم ورسائلهم هي نص مكتوب لكلمة الله سبحانه وتعالى.

بالإضافة إلى ذلك، فإن حياة الأنبياء كانت مثالاً يُحتذي به لأتباعهم وقدَّمت طريقة حياة جديرة بالمشي على خُطاها. "جميع الأنبياء كانوا رجالاً يتميزون بحُسن الخلق والشرف الرفيع. وقام الله سبحانه وتعالي بإعدادهم واختيارهم لتسليم رسائلهم للبشرية. ولا يُمكن الشك في أمانتهم أو صدقهم أو ذكائهم أو نزاهتهم."10 ولكن هذا لا يعني بالطبع أنهم لم يُخطِئوا. لقد كانوا رجالاً فقط بالرغم من أنهم كانوا يعيشون حياة الاستقامة "فهم لم يكونوا معصومين من الخطأ أو يكسروا قوانين الله سبحانه وتعالي. ولأنهم فانيين، فقد ارتكبوا بعض الأخطاء الغير مقصودة في بعض الشئون والقرارات الانسانية. وحكمهم الخص لم يكُن دائماً على صواب"11. ومع ذلك، عند الضرورة، كان الله يُرشِدهم للصواب لأنهم كانوا يتصرفون كمرشدين لشعوبهم. وفي الفرآن الكريم، توجد خمسة أو ستة مواقف أرشد الله سبحانه وتعالي رسوله محمد عليه الصلاة والسلام لتصحيح خطأه في بعض الأحكام12. تم تسجيل حياة النبي محمد صلي الله عليه وسلم بأدق التفاصيل فيما كان يفعله أو يقوله وكيف كان يعيش حياة الاسلام. وتم اعتبار مقولاته وعاداته، أو الحديث الشريف، مرجعاً رئيسياً ثانياً بعد القرآن الكريم كمصدر للتشريعات في الحياة اليومية الاسلامية العادية. كما أنه توفر العديد من القوانين والتشريعات التي قد لا يحتويها القرآن الكريم. ففي الأساس، يحتوي القرآن الكريم على عقائد وفقه الاسلام في حين يحتوي الحديث الشريف علي تفاصيل التطبيقات العملية لهذه التعليمات. والكثير من القوانين في الدول الاسلامية مصدرها الرئيسي هي الأحاديث الشريفة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام. ويأتي ذلك بسبب الاعتقاد الأساسي للمسلمين في النبوَّة وذلك باتباع خطوات الأنبياء السابقين، مما يُرشد الانسان "للطريق الصحيح في العقيدة والسلوك"13.

والمورمونييِّن أيضاً لهم كتابات وأقوال الأنبياء الموجودة في الكثير من الأعداد مثل مجلة الخطابات، خطابات بريغهام يونغ، بالإضافة إلي كُتُب ومحادثات المؤتمر العام في مجلة الراية14. وتمدنا هذه الكلمة المكتوبة بواسطة أنبياءنا بالتطبيقات العملية والمشورة في كيفية ممارسة حياتنا الطبيعية وفقاً لمعتقداتنا العقائدية. وبالرغم من عدم التزامنا الكامل بهذه التعاليم بنفس الدرجة التي أظهرتها الكُتُب الالهية، إلا أننا مطالبون بالانصياع لهذه المشورات لأنه "... سواء كان بصوتي أو بصوت خُدَّامي، فهو نفس الشيء" (كتاب المبادئ والعهود 1 :38). " ... ومهما يقولوه عندما يتحرك بداخلهم الروح القُدُس يجب أن يكون مقدَّساً، يجب أن يكون ارادة الرب، يجب أن يكون فِكر الرب، يجب أن يكون صوت الرب، ويجب أن يكون قوة الله للخلاص." (كتاب المبادئ والعهود 68 :4).

الايمان بالملائكة

يوازي الاعتقاد الاسلامي بالملائكة بقوة رأي كنيسة يسوع المسيح لقديسين الأيام الأخيرة في وصفهم وفي واجباتهم. إن ملائكة الله هي كائنات روحية ذكية، لا تأكل ولا تنام، وليس لها أي رغبات مادية أو شهوة.15 يعملون كرُسُل لله، يطيعونه تماماً كما يعبدونه ويخدمونه على الدوام. فهم يحمون البشر، ويحققون عقاب الله في مخلوقاته، ويحملون رسالته ويخدمون بأن يكونوا الملائكة الحرَّاس.16 ويقول القرآن الكريم أنه: "وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ. كِرَامًا كَاتِبِينَ" (سورة 82 :10، 11).

وقد لعب الملاك جبريل دوراً عظيماً في أن يتم اختياره للكشف عن القرآن الكريم للنبي محمد عليه الصلاة والسلام. وقد أرسل الله الملائكة الآخرين لأنبيائه لتوصيل رسالته. "يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ" (سورة 16: 2). وبسبب هذا الدور الحيوي في كشف الله لأنبيائه، فإن الايمان بالملائكة هي عقيدة أساسية في الاسلام، وهي هامة بشكل كبير ليتم اعتبارها واحدة من الركائز الرئيسية في الايمان.17

وبالمقارنة، فإن الملاك مورمون يزور النبي جوزف سميث للاتصال به واحضار الكتاب الرابع للمورمون في تناغم كامل مع وجهة نظر الاسلام في دور وأهمية الملائكة. وقد كان موروني هو الشخص الذي أحضر الصفائح الذهبية القديمة لجوزف ليقوم بترجمتها. وقام موروني بنفسه بتسليم رسائل وتعليمات مُحدَّدة لجوزف ليساعده في تجهيز نفسه بأن يكون رسولاً. وبالرغم من أن الكثير من الناس ينكرون زيارة موروني إلى جوزف بُناءً على قلة إيمانهم بظهور الملائكة للبشر في العصر الحالي، لكن يعترف المسلمون بهذه الظهورات الملائكية لأنها الطريقة التي يجمع الله بها كلمته للعالم.

كما يحتوي كتاب مورمون على سجلَّات عديدة لظهور الملائكة للأنبياء والعامة من الناس. فقد ظهرت الملائكة لتأديب ألما الأصغر، أولاد موصايا الأربعة18، لامان ولامويل19، ظهرت لنيفي لتفسير حلم ليهي20، وللتبشير بميلاد المسيح للملك بنيامين21وظهر أولاد نافي أثناء زيارة المسيح لهم22. كما ظهروا أيضاً ليعقوب، صموئيل ولمانيت، أولاد نافي من نافي وأموليك23. لم يتوقف الملائكة عن الظهور حتي العصر الحالي، لكنهم يظهرون تباعاً لأوامر الله سبحانه وتعالي، "... مُظهرين أنفسهم لمن لهم إيمان راسخ وتصميم ثابت في كل أشكال البرّ. ومهمة خدمتهم هي أن يدعوا الناس إلي التوبة وأن يُتمِّموا عهود الآب التي قطعها مع أبناء البشر." (كتاب مورون، مورمون 7 :29-31). انهم طريقة اتصال قوية بين الأرض والعالم الأبدي وسوف يكونوا موجودين دائماً في معاملات الله مع الانسان.

الاعتقاد في الكُتُب المقدسة

كما ذُكر في الفصل الثالث، يتطلب الاسلام الايمان بجميع رسائل الله على لسان أنبيائه في كل العصور بما في ذلك التوراة والانجيل طالما لم يطُلهما أي تحريف. ويعد القرآن مصدراً لا غبار عليه للمقارنة بينه وبين أي رسائل أُخري "فهو المعيار والفيصل الذي يتم به المقارنة مع أي كتاب آخر. لذا فأي شيء يتوافق مع القرآن هو مقبول كحقيقة إلهية، وأي شيء يختلف مع القرآن يتم رفضه أو إيقافه"24.وهذا بسبب أن الكلمات الموجودة عن طريق الوحي المُباشِر بين الملاك والنبي محمد صلي الله عليه وسلم ولا يُوجد شخصاً ثالثاً يقوم بتسجيل هذه الكلمات أو هذا الحدث التاريخي فيما يُشابه التعاليم الموجودة في الانجيل والتي تعرَّضت للكثير من الترجمات والاصدارات.

وبالإضافة إلى ذلك فإن القرآن هو "... هو أفضل هدية للبشرية لأن حكمته فاقت كل شيء. باختصار، الهدف من هذا الكتاب هو حماية المعرفة القديمة بكينونة الله واستعادة المعرفة الأبدية بحقيقية الله سبحانه وتعالي، لهداية البشر للطريق القويم وتنبيه روح الانسان، لإيقاظ الضمير البشري وإنارة العقل البشري."25 ويقول الله سبحانه وتعالي في القرآن الكريم: "الكِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ" (سورة 14: 1، 2). لذا فإن تلاوة القرآن هي صورة من صور العبادة، جزء أصيل من التذكُّر اليومي بالله سبحانه وتعالي. “ من الواجب على كل مسلم، رجلٌ أو امرأة، تلاوة جزءً من القرآن الكريم يومياً وفي قيام الليل. فتلاوة القرآن الكريم هي درجة رفيعة من الصلاة والعبادة اليومية."26

وطبقاً لبنود الإيمان لكنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة، "نحن نؤمن أن الكتاب المقدَّس هو كلمة الله بقدر صحة ترجمته"27. في 1830، تم التكليف الإلهي لجوزيف سميث بالعمل على ترجمة جديدة للكتاب المقدَّس علي أساس نسخة الملك جيمس، لكنه لم يستطع إنهاء عمله ونشره للعامة قبل استشهاده في عام 1844. وبالرغم من أن المورمونيون لا يستخدمون هذه الترجمة كجزء من نصوصنا المقدّسة وذلك لعدم اكتماله، لكننا لا نزال نعتبرها مساعدة في "استعادة الأمور البسيطة والثمينة التي فقدناها من الكتاب المقدس وهي أيضا مساعدة لا تقدر بثمن في تفسير وفهم الكتاب المقدس"28. ويواصل بند الإيمان الثامن قائلًا ".... نحن أيضاً نؤمن أن كتاب المورمون هو كلمة الله"29. لا يوجد لدينا أية مخاوف من صحة الترجمة أو حتى وجود اختلاف عن النص الأصلي منذ استعان جوزف سميث بقوة الله في الترجمة الواضحة للكلمات. وهكذا نحن نؤمن أن كتاب المورمون هو مقياس المقارنة مقابل أية مخطوطات أخرى. وقد صرح جوزف سميث بأن "كتاب المورمون هو الكتاب الوحيد الأكثر صحة على وجه الأرض، وهو حجر الزاوية لديانتنا، وأنه إذا أراد الإنسان أن يتقرب إلى الله فما عليه سوى الثبات على تعاليم الكتاب أفضل من أي كتاب آخر"30

يحتل كتاب المورمون مكانة خاصة في قلوب أتباعه حيث يرون أنه يعرفهم الحق السرمدي بشكل واضح بخلاف ما احتواه جميع ما سبقه من رسالات. كثير من المبادئ التي يتم تلقينها وتعليمها تكشف معرفة أكثر كمالًا من الإنجيل ونحن نعزي إليها القوة المنيرة ومكانة عطية الله العظمى للبشرية كما هو منصوص عليه سابقًا. نحن نعتقد "أن جوزف سميث، النبي والرائي قد قام بما هو أكثر من أنه سلمنا هذا الكتاب واستعاد لنا الكثير من الحقائق المفقودة، فهو قد حفظ يسوع وحده لخلاص البشر عن أي إنسان آخر عاش في هذا العالم. في فترة قصيرة تقدر بعشرين عامًا أخرج إلينا "كتاب المورمون"، الذي قام بترجمته بنعمة الله وقوته، وقد صار هو نفسه الوسيلة لنشر الكتاب في قارتين؛ مرسلًا ملء الإنجيل الأبدي – المتضَمَن فيه – لجهات الأرض الأربعة؛ وأظهر لنا الرؤى والوصايا التي يتكون منها كتاب المبادئ والعهود، والكثير من النصوص والتعاليم الحكيمة النافعة لنسل البشرية..." (كتاب المبادئ والعهود 135: 3)

بينما لا نتعاطى نحن مع كتبنا المقدسة بطريقة الصلاة (عدا تلك التي تتعلق بالطقوس مثل المعمودية، وصلوات الأسرار المقدسة)، إلا أنه من المتوجب على كل عضو بالكنيسة أن يقضي بعض الوقت يوميا في دراسة الكتب المقدسة. إن التعامل اليومي مع الكتب المقدسة يجعلنا دائمًا ذاكرين لله، ملتزمين بالحياة بحسب ما أوصانا في كتبه المقدسة، وذلك تمامًا ما نتفق فيه مع إخوتنا وأخواتنا المسلمين.

الإيمان بالقيامة

يتضمن القرآن الكريم قصة مثيرة لما قبل الوجود عن مجلس في السماء حيث طُرِدَ الشيطان بسبب عصيانه. وعند خروجه أُعطِيَ أن يغوِيَ البشر على الأرض حتى اليوم المحدد للدينونة عندما يُعقد القضاء الأخير وينال كل بشر جزاءه الأبدي.31 والكائنات الروحية التابعة له في عصيانه هي فرقة من الجن (ومنها جاءت التسمية بالإنجليزية genie) ومهمتهم هي "من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس ..." (سورة 114: 4، 5). في البداية كان الجن يمتلكون الإرادة الحرة وكانوا قد خُلقوا قبل إنشاء الكائنات المادية على الأرض. وهم في هذا يتفقون مع معتَقَد كنيسة قديسي الأيام الأخيرة في أن ثُلث القوات السمائية قد طُرِدوا مع الشيطان لعصيانهم، إلا أنه يوجد جنٌ صالح أيضًا وهم مؤمنون. على كل حال سيظل الجن الشرير هو المحرض لمخلوقات الأرض على فعل الشرور.

كما هو مذكور في القرآن الكريم سواء اخترنا أن نتبع الشيطان والجن الشرير أو نتبع الله، فكل أعمالنا مدونة في كتاب الأعمال الذي سوف يُفتح أمامنا ليُقرأ في يوم القيامة.32 "في يوم ما سيفنى هذا العالم وسيقوم الموتى إلى الحكم الأخير العادل. كل ما نفعله في هذا العالم، كل نية ننتويها، كل حركة نتحرَّكها، كل فكرة استمتعنا بها، وكل كلمة نطقنا بها، جميعها مُعَد ومحفوظ في سجلات دقيقة. في يوم الدينونة سوف تحضر أمامنا."33

هناك أيضًا فقرة مهمة في القرآن الكريم تتحدث كيف أن أجسادنا تشهد ضدنا حيث أننا لا نستطيع أن نخفي أنفسنا "حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (سورة 41: 19-22). بالإضافة إلى ذلك سيُدين الأنبياء جميع الناس بما تسلموا من الكتب المقدسة. وحينها سوف يُكافأ الأبرار ببركات السماء بينما سيُصلَى الأشرار بعقابهم في الجحيم مع الشيطان والجن.

إن وصف طبيعة الجنة والنار متوافر في القرآن الكريم، على الرغم من وجوب عدم أخذه حرفيًا.34 في الغالب تم وصف الجنة أو الفردوس كمكانٍ للجمال والراحة المفرطة حيث الطعام والشراب الوافرين والجواري الحسان. وعلى ذلك المتعة العظمى في الفردوس هي الوجود في حضرة الله. من الأمور المثيرة للاهتمام ملاحظة أنه عند محاكمة جموع البشر سوف يُقسمون إلى ثلاث فرق مختلفة ليأخذ كلٌ جزاءه ستكون هناك فرقة على اليسار وأخرى على اليمين وثالثة في الصدارة. هذا الترابط العقيدي مع المورمون في درجات المجد الثلاثة كما ناقشناه في الفصل 76 من كتاب المبادئ والعهود35، وسيكون الأكثر صلاحًا "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ، فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ" (سورة 56: 10، 11). ووفقًا لحديث للنبي محمد صلي الله عليه وسلم، في السماء "مَا لا عَيْنٌ رأت ولا أُذُنٌ سمعت وَلا خطر عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ"36

وبالعكس كان وصف الجحيم كمكانٍ هواؤه حارق وأدخنته نجسة سوداء37، ومعاناة سكانه ستكون بالأكثر نتيجة "إدراكهم الحتمي بأن ذلك هو القدر الذي استحقوه ولأنفسهم قد جلبوه برفضهم لله وتجاهلهم إرشاده ذلك المبعوث لهم من خلال رسله."38

فيما يتعلق بالقيامة، يذكر القرآن الكريم وجوب قيامة الجميع من القبور لابسين جسدًا طبيعيًا يستعيده لهم الله بقدرته.39 كما يحتوي كتاب المورمون على نفس التعليم. فالقيامة تشير إلى "... استعادة الأشياء تلك التي نطقت بها أفواه الأنبياء. وسيستعيد الجسم روحه والروح جسمها؛ حقًا، كل طرف وكل مفصل سوف يُستَعاد لجسمه؛ حقًا، حتى شعرة من الرأس لن تذهب؛ وإنما سيُستعاد كل شيء إلى إطاره المثالي." (كتاب المورمون، ألما 40: 22، 23)

كلتا المجموعتين من الكتب المقدسة تُعَلِّم بأن النفس ستنضم للجسد الجديد ثم تُحضر للحساب. قبل هذا اليوم الأخير العظيم، الشمس والقمر سيختفيان، والنجوم تُمحى، والسماء تتمزق، والجبال تسقط، ثم يُبوق البوق وتركع جميع الأمم ساجدين.40 كلتا المجموعتين أيضًا توضح أن المسيح سيظهر كعلامة قيام ساعة الدينونة.41 إن معرفة مراحل الأحداث التي ستقع يمكننا من تكوين وعي حريص على الحياة الحقة هل هي الفانية أم الأبدية، لنرى كل متاعب حياتنا الأرضية من منظور بعينه. "هذه الحقيقة الواضحة عن الحياة المستقبلة دائمًا أمام عقل ووعي المسلم التَقِيّ. إنه الوعي الذي يحفظ الحياة الحاضرة، ما بين شدة السعادة وعمق الألم سواءٌ بسواءٍ من منظور واحد، منظور العابر العارض، المسكن المؤقت الذي وُضِع فيه لإجتياز إختبار لإعداده وتأهيله لمنزله المستقبلي."42

يؤمن كلًا من المسلمون والمورمون بالقيامة ويوم الحساب إيمانا يمد بالسلام ويدفع للمرور من خلال حياتنا الزائلة. نحن على ثقة بأن أي ظلم في الحياة سيتم تصحيحه، أي صلاح سوف يكافأ وله الوعد بالبركات. لأننا بسبب هذه المعرفة نستطيع المرور بالصبر في المحن ناظرين دائمًا للسعادة الأبدية والابتهاج المحتوم نوالهما إذا صبرنا للنهاية. لقد جُعِلنا للصعود "أن تشارك بلهفة في الخير، وتقوم بأشياءٍ كثيرة (بإرادتنا) الحرة، وجلب الكثير من الأشياء الحسنة لطريقنا" (المبادئ والعهود 58: 27) بغضّ النظر عن صعوبة هذا الطريق لذا نحن نستطيع أن "ندخل إلي حضرته الأزلية وراحته الأبدية" (المبادئ والعهود 121: 32)

الايمان بالقدر

يوضح القرآن أن "مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ... مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" (سورة 57: 22، 23؛ 35: 2). مبادئ القدرة المذكورة هنا توضح الفرق بينها وبين المصير. بدلاً من ذلك، يشير القدر إلى معرفة الله الغير محدودة. إنه يعرف كل واحداً منَّا لذا فهو على دراية تامة بالقرارات التي سوف نتخذها وما سنفعله بالرغم من اعطائنا الحرية الكاملة لحرية الاختيار.

يُعلمنا الاسلام أن الله قادر علي معرفة كل ما هو ضروري للحفاظ والبقاء على خليقته في الكون. فهو يقوم بتنظيم كل الأشياء من كبيرها لصغيرها بإرادته وحدها، ولا يستطيع شيء أن يحدث من تلقاء نفسه بدون أن يأمر به الله سبحانه وتعالي أولاً.43 "... إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (سورة 19: 35) وهذا لا يعني أن الانسان لا يستطيع الاختيار أو استخدام حريته الشخصية. فبدلاً من ذلك "يرسم الخط الفاصل بين ما هو مهم بالنسبة لله وما هي المسئولية الشخصية ... فهو يحثنا علي التفكير، يحثنا علي التخطيط واتخاذ القرارات السليمة، لمن في حالة عدم حدوث الأشياء كما خططنا لها من قبل، لا يجب أن نفقد إيماننا ... لأن ما هو أكبر وأبعد من قدرتنا على الفهم والمسئولية هو شأن الله سبحانه وتعالي فقط".44

وأيضاً، كل ما يحدث لنا، يجب علينا أن نؤمن أن الله حكيم ومُحب وكل شيء مُقدَّر لنا هو نتيجة هو نتيجة دافع جيد وبهدف سامي في نهاية الأمر.45 "هذا الايمان يُعطي المسلم درجة عظيمة من اليقين الداخلي، الثقة، وسلام القلب، وخاصة في مواجهة المصائب، لأنه يعرف أن كل الأشياء هي تحت رحمة كامل الحكمة وكليَ الرحمة-الله سبحانه وتعالي، وأن كل ظروف حياته هي أيضاً تحت سيطرة وتوجيه الله وحده، لذا فهي ليست بدون سبب أو هدف ... هذا اليقين الداخلي يحرر المسلم من الخوف من أي شيء أو أي شخص بخلاف الله، لأنه يعرف أنه لا يملك أقل قوة ممكنة سواء ليضره أو يفيده بدون أمرٍ من الله".46

ولا يعني هذا أن نسترخي ونجعل القدر يتحكم بحيواتنا بدون أن نفعل أي شيء لنساعد أنفسنا أو نحصل على الفرص الجيدة في طريق حياتنا. فنحن يجب علينا أن نبذل كل جهودنا، لكي نسعى وأن نفعل ما بوسعنا في أي موقف.47 وإذا لم نفعل ذلك، فنحن لن نعرف إذا كانت النتيجة هي إرادة الله أو هي فقط نتيجة التسلسل الطبيعي لعدم اتخاذنا أي خطوات. فالإسلام يعلمنا أن بعد أن نفعل كل ما نستطيع أن نفعله وعند وقوع المحتوم، يجب أن نستقبله "بصبرٍ وقبولٍ واثقٍ فيما أرسله الله بحكمته العظيمة، وأن نتوقع أن يكون مصدراً للخير والبركات اللانهائية كمنظور واسع في الحياة القادمة".48

ويؤمن المورمونيون أيضاً بعقائد القدر والتوكُّل، بالإضافة إلى ما هو موجود في الإسلام، يوجد لديهم مبدأ وجود رسالة أو مهمة يرسلها الله للفرد ليقوم بها في حياته. فقد كان قدراً محتوماً للنبي ابراهيم بأن يكون نبياً. فقد شهد رؤيا والتي رأي فيها "الكثير من النبلاء والعظماء" من الأرواح الموجودة قبل الوجود. فقد قال: "رأي الله أن هذه الأرواح جيدة، وقف في منتصفهم وقال: سوف أحكمكم، حيث أنه وقف في وسط هذه الأرواح، ورأي أنهم جيدين، وقال لي: يا ابراهيم، أنت واحداً منهم، وان المُختار سوف يُولد" (كتاب الخريدة النفيسة، إبراهيم 3: 22-23). وقد قام مُقدَّراً له أن يكون نبياً. "قبلما صورتك في البطن عرفتك وقبلما خرجت من الرحم قدستك. جعلتك نبيا للشعوب" ( الكتاب المقدَّس، ارميا 1: 5).

ولم يكُن مقدَّراً للأنبياء القدماء فقط أن يكون لهم أدوارهم في الحياة. "إن مبدأ القدر يُطبَّق علي كل أعضاء الكنيسة، وليس فقط علي المخلص وانبياءه. فقبل خلق الأرض، تم اعطاء مهام معيَّنة للنساء المؤمنات وكان مُقدَّراً محتوماً للرجال أن يتحملوا واجب الكهنوت. وعندما يثبت الأشخاص أنهم علي قدر المسئولية، سوف يتم اعطاءهم الفُرَص لتحقيق المهام الملقاة على عواتقهم".49

ومن الجمل الأكثر تكراراً سوف تسمعها في الشرق الأوسط هي إن شاء الله. وهذه المقولة تأتي من القرآن حيث يقول: "لا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ" (سورة 18: 23، 24) ولذلك، يقوم المسلمون بتكرار هذه الجملة في نهاية أية جملةٍ لتوقع شيئاً ما أو أحداث في المستقبل تم التجهيز لها مثل ترتيب لقاء، موقف، أو وعد سوف يتم الوفاء به في المستقبل. لأن مثل هذه العبارة، يتوقع الكثير من الأجانب أنها تعني شيئاً مثل "نأمل في ذلك". وبالرغم من ذلك فهي ليست بالمقارنة الصحيحة. فللمسلم، هي تعني حرفياً إذا أراد الله أو رغب في حدوث ما هو مُتوقع أن يحدث، أو أن تعيش أنت لمدة خمسة دقائق قادمة من الآن للتخطيط لشيئاً آخراً في حياتك المستقبلية، وبالتالي فهي حقاً بسبب أن لله سمح بذلك أن يحدث لك. فأنت تستطيع التخطيط، التنظيم، اتخاذ القرار والتجهيز لأشياء تريدها، لكن الله وحده له القدرة اللانهائية للموافقة على ما تريد أو حق الرفض لأياً من قراراتك أو تصرفاتك. لذا يجب عليك أن تتذكَّر وتعرف أن يد الله موجودة في أصغر خططك اليومية التي تقوم بها في حياتك عندما تقول هذه الكلمات.

وجملةً أُخري يكررها المسلمون دائماً هي الحمد لله، والتي تأتي من سورة الفاتحة، أو الجملة الافتتاحية للقرآن والتي يستخدمها المسلمون خمسة مرات قبل الصلوات.50 وعندما يحييِّك شخصٌ ما بالسلام ويسألك عن أخبارك، يتم استخدام هذه الجملة كإجابة طبيعية. ويتم استخدام هذه الكلمات للاستجابة لجميع المواقف، سواء للشُكر في المواقف الجيِّدة أو أيضاً للاعتراف بأن الله يريد الأفضل لنا في حالة وقوع بعض الأحداث السيِّئة. دعوني أوضِّح بواسطة بعض التجارب الشخصية.

في أحد السنوات السابقة، حاولنا أنا وزوجي توفير بعض الأموال لشراء منزلنا الأول. وقد واجهتنا صعوبات كثيرة لتقديم متطلبات البنك للحصول على حساب بنكي يحتوي على رصيد كافي لسداد رسوم التمويل العقاري قبل ميعاد استيفاءه بشهرٍ كاملٍ. وقبل الميعاد بأسبوع، تعطَّلت سيارتنا. وقد كنَّا في الجامعة نعيش على قروض الطلبة. وقد كنَّا في الأسبوع الأخير قبل بداية الاختبارات النهائية وكنَّا تحت ضغطٍ شديدٍ بسبب الاختبارات وأيضاً لنستعد للذهاب إلي بيتنا الجديد في خلال أسبوع من وصول القسط الأول من القرض. وفعلاً لم نكُن في حاجةٍ لأن تتعطَّل سيارتنا في هذا الوقت. عندما كنت أتفوه بكلماتي "لا أستطيع أن أصدٍّق أن يحدث هذا لي"، استمع زوجي لخطبة لفترةٍ ليست بقصيرة ثُمَّ قال في هدوء، "الحمد لله". فجاوبته على الفور: “لابد أنك تمزح معي-ماذا يوجد لدينا الآن لنحمد الله عليه وسط هذه الفوضى؟"

وبعد بعض دقائق قليله علمني في هدوء درساً لم أنسه من حينها-أنه مهما حدث، يجب علينا أن نشكر الله في كل شيءٍ في حياتنا. فقد أعطانا كل شيءً نملكه، واعطانا كل الامكانيات المادية وغيرالمادية التي نمتلكها ويجب علينا أن نشكره دائماً باستمرار بغضّ النظر عن المواقف التي نمر بها لأنها كلها بسبب خطته لنا. وعند ايماننا بمبدأ القدر بحيث أن نفعل كل ما بوسعنا للحصول علي حياة صالحة، سوف نحصل على قناعة أن أي شيءٍ يحدث، سوف يكون جزءً من "خطة الله الحكيمة بلا حدود لخليقته."51

وبالطبع يأمرنا الله بأن نكون ممتنِّين لكل شيءٍ. "وفي حالة أن رجلاً مُلاماً يهين الله، أو ضد أي شيء غير حمي غضبه، سوف يحفظ الذين لا يعترفون بوجود يديه في كل شيء، والذين لا يطيعون تعاليمه". (كتاب المبادئ والعهود 59: 21) "فيجب عليكم شُكر ملككم السماوي. أيها الاخوة، أقول لكم أنه إذا أعطيتم كل الشكر والمدح الذي يكمنان في نفوسكم أجمعين نحو ذلك الاله الذي خلقكم وأبقاكم وحفظكم وأفرحكم ومنحكم أن تعيشوا في سلامٍ مع بعضكم بعضاً-أقول لكم أنه إذا خدمتم الذي خلقكم منذ البداية ومازال يحفظكم من يومٍ إلى يومٍ بإعطائه إياكم نفساً لكي تحيوا وتتحرَّكوا وتفعلوا ما تشاؤون، أضف إلى ذلك تعضيده إياكم من لحظة إلى أُخرى – فأقول إنَّكم إذا خدمتموه بكل نفوسكم فمازلتم خُداماُ غير صالحين." (كتاب مورمون، موصايا 2: 19-21).

وفوق كل شيءٍ، يجب أن نشكر الله ونحمده أن جزءً من الخطة السماوية هو لتزويدنا بكل المعارف الضرورية والتي سوف تسمح لنا بإرشادنا بشكل صحيح في هذه الحياة. عندما نؤمن بالله سبحانه وتعالي، وملائكته، وأنبياءه، والكتب الدينية، ويوم الحساب والقدر، سوف يستطيع المسلمون والمورمونيون السعي جنباً إلى جانب في الطريق الذي يؤدي إلى وجود الله سبحانه وتعالي.

______________________

1 هذه برامج تعليمية لكنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة للتعاليم الدينية الخاصة بعضوية الكنيسة في جميع أنحاء العالم.

2 جوزف سميث. شخصية الله، المحاضرة الثالثة" و "صفات الله، المحاضرة الرابعة" في مقالات حول الايمان، 1835. تستطيع أن تجد النصوص الكاملة على: http://lecturesonfaith.com/

3 حمودة عبد العاطي. الإسلام تحت المجهر، 1999، البيت العالمي للنشر الاسلامي، الرياض، المملكة العربية السعودية، الطبعة الثالثة، ص. 4.

4 المرجع السابق، ص. 4، 5

5 المرجع السابق، ص. 5

6 قارن بين كتاب مورمون، موصايا 8: 15-17 لتعريف كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة بشأن الفرق بين النبي والرسول.

7 سوزان حنيف. ما يجب أن يعرفه أي شخص عن الاسلام والمسلمين، قاضي للنشر، لاهور، باكستان، 1979، ص. 20.

8 سورة 7: 158.

9عبد العاطي ص. 28.

10 المرجع السابق ص. 27.

11 المرجع السابق، ص. 27

12 سورة 8: 67 كمثال.

13 المرجع السابق، ص. 27

14 الثلاثة كتب المذكورة هم تجميع لخطابات قادة الكنيسة في وقت مبكِّر في القرن التاسع عشر. ويعقد المؤتمر العام للكنيسة مرتين سنويا اليوم في سالت ليك سيتي، يوتا، حيث يواصل قادة الكنيسة اعطاء الإرشاد والتوجيهات والتطبيقات العملية من وحي الكتابات الدينية للمساعدة في عصرنا هذا. انظر https://www.lds.org/general-conference/conferences?lang=eng

15عبد العاطي، ص. 13.

16حنيف، ص. 16.

17 المرجع السابق، ص. 17.

18 كتاب مورمون، سفر موصايا 27: 11-17

19 كتاب مورمون، سفر نافي الأول 3 :29.

20 كتاب مورمون، سفر نافي الأول :11: 14-14: 30

21 كتاب مورمون، سفر موصايا 3 :2-27.

22 كتاب مورمون، سفر نافي الثالث 17 :24.

23 انظر جميع القوائم تحت عنوان "الملائكة" في فهرس كتاب مورمون.

24 عبد العاطي، ص. 13.

25 المرجع السابق، ص. 191.

26 المرجع السابق، ص. 192.

27 بنود الإيمان، رقم 8 https://www.lds.org/scriptures/pgp/a-of-f/1?lang=eng

28 انظر قاموس انجيل كنيسة عيسى المسيح لقيسي الأيام الأخيرة تحت عنوان "ترجمة جوزف سميث".

29 المرجع السابق رقم 8

30 "مقدمة" في الطبعة الحالية لكتاب مورمون، انظر https://www.lds.org/scriptures/bofm/introduction?lang=eng

31 سورة 38: 65-88، 15: 26-44.

32 سورة 17: 13، 14.

33 عبد العاطي ص. 13. قارن بين الانجيل، سفر الرؤيا 20 :12؛ كتاب مورمون، سفر ألما41 :1-15؛ كتاب المبادئ والعهود 137 :9.

34 سورة 56: 1 :56.

35 الثلاث درجات من المجد هي ممالك روحية، أرضية، سماوية والتي يتم تعيين مكان لكلٍ منها في يوم القيامة بناءً على مستويات البر في الحياة الأرضية كما هو مذكور في كتاب المبادئ والعهود 76 :96-98.

36 عبد العاطي ص. 13، 14. قارن مع سفر نافي الثالث 17: 16، 17.

37 سورة 56: 42، 43

38 حنيف ص. 37

39 سورة 22: 5-7، 75: 1-40

40 سورة 45: 28؛ 75: 8، 9؛ 77: 7-10؛ 78: 18-20؛ قارن مع كتاب المبادئ والعهود 29: 9-28؛ 45: 42-45

41 سورة 43: 61؛ قارن مع كتاب المبادئ والعهود 45 :39-45.

42 المرجع السابق، ص. 37.

43 حنيف، ص. 38.

44 عبد العاطي ص. 15، قارن مع كتاب المبادئ والعهود 104 :17.

45 المرجع السابق، ص. 14.

46 حنيف، ص. 39.

47 المرجع السابق، ص. 39.

48 المرجع السابق، ص. 41.

49 الموقع الرسمي لكنيسة عيسى المسيح لقديسي الأيام الأخيرة: https://www.lds.org/topics/foreordination?lang=eng

50 سورة 22: 5-7؛ سورة 75: 1-40.

51 حنيف ص. 39.